المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِن تُبۡدُواْ خَيۡرًا أَوۡ تُخۡفُوهُ أَوۡ تَعۡفُواْ عَن سُوٓءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّٗا قَدِيرًا} (149)

149- إن تُظهروا خيراً أو تُسِروه ، أو تصفحوا عمن يسئ إليكم ، يثبكم الله لتخلقكم بأخلاقه - تعالى - من العفو مع كمال القدرة ، والله - سبحانه - عظيم العفو كامل القدرة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِن تُبۡدُواْ خَيۡرًا أَوۡ تُخۡفُوهُ أَوۡ تَعۡفُواْ عَن سُوٓءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّٗا قَدِيرًا} (149)

وقوله : { إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا } أي : إن تظهروا - أيها الناس - خيرًا ، أو أخفيتموه ، أو عفوتم عمن أساء إليكم ، فإن ذلك مما يقربكم عند الله ويجزل ثوابكم لديه ، فإن من صفاته تعالى أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم . ولهذا قال : { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا } ؛ ولهذا ورد في الأثر : أن حملة العرش يسبحون الله ، فيقول بعضهم : سبحانك على حلمك بعد علمك . ويقول بعضهم : سبحانك على عفوك بعد قدرتك . وفي الحديث الصحيح : " ما نقص مال من صدقة ، ولا{[8535]} زاد الله عبدا بعفو إلا عزًّا ، ومن تواضع لله رفعه الله " {[8536]} .


[8535]:في د: "وما".
[8536]:رواه مسلم في صحيحه برقم (2588) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِن تُبۡدُواْ خَيۡرًا أَوۡ تُخۡفُوهُ أَوۡ تَعۡفُواْ عَن سُوٓءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّٗا قَدِيرًا} (149)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً } .

يعني بذلك جلّ ثناؤه إنْ تُبْدُوا أيها الناس خيرا يقول : إن تقولوا جميلاً من القول لمن أحسن إليكم ، فتظهروا ذلك شكرا منكم له على ما كان منه من حسن إليكم ، أوْ تُخْفُوهُ يقول : أو تتركوا إظهار ذلك فلا تبدوه ، أوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ يقول : أو تصفحوا لمن أساء إليكم عن إساءته ، فلا تجهروا له بالسوء من القول الذي قد أذنت لكم أن تجهروا له به . فإنّ اللّهَ كانَ عَفُوّا يقول : لم يزل ذا عفو عن خلقه ، يصفح لهم عمن عصاه وخالف أمره . قَدِيرا يقول : ذا قدرة على الانتقام منهم . وإنما يعني بذلك : أن الله لم يزل ذا عفو عن عباده مع قدرته على عقابهم على معصيتهم إياه . يقول : فاعفوا أنتم أيضا أيها الناس عمن أتى إليكم ظلما ، ولا تجهروا له بالسوء من القول وإن قدرتم على الإساءة إليه ، كما يعفو عنكم ربكم مع قدرته على عقابكم وأنتم تعصونه وتخالفون أمره . وفي قوله جلّ ثناؤه : إنْ تُبْدُوا خَيْرا أوْ تُخْفُوهُ أوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فإنّ اللّهَ كانَ عَفُوّا قَدِيرا الدلالة الواضحة على أن تأويل قوله : لا يُحِبّ اللّهُ الجَهْرَ بالسّوءِ مِنَ القَوْلِ إلاّ مَنْ ظُلِمَ بخلاف التأويل الذي تأوّله زيد ابن أسلم في زعمه أن معناه : لا يحبّ الله الجهر بالسوء من القول لأهل النفاق ، إلا من أقام على نفاقه ، فإنه لا بأس بالجهر له بالسوء من القول . وذلك أنه جلّ ثناؤه قال عقيب ذلك : إنْ تُبْدُوا خَيْرا أوْ تُخْفُوهُ أوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ ومعقول أن الله جلّ ثناؤه لم يأمر المؤمنين بالعفو عن المنافقين على نفاقهم ، ولا نهاهم أن يُسَمّوا من كان منهم معلن النفاق منافقا ، بل العفو عن ذلك مما لا وجه له معقول ، لأن العفو المفهوم إنما هو صفح المرء عما له قِبَل غيره من حقّ ، وتسمية المنافق باسمه ليس بحقّ لأحد قِبله فيؤمر بعفوه عنه ، وإنما هو اسم له ، وغير مفهوم الأمر بالعفو عن تسمية الشيء بما هو اسمه .