لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِن تُبۡدُواْ خَيۡرًا أَوۡ تُخۡفُوهُ أَوۡ تَعۡفُواْ عَن سُوٓءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّٗا قَدِيرًا} (149)

قوله تعالى : { إن تبدوا خيراً } قال ابن عباس يريد من أعمال البر كالصيام والصدقة والضيافة والصلة . وقيل معناه إن تبدوا خيراً بدلاً من السوء { أو تخفوه } يعني تخفوا الخير فلم تظهروه وقيل معناه إن تبدوا حسنة فتعملوا بها تكتب لكم عشراً وإن هم بها ولم يعملها كتبت له واحدة وقيل إن جميع مقاصد الخيرات على كثرتها محصورة في قسمين : أحدهما صدق النية مع الحق . والثاني التخلق مع الخلق فالذي يتعلق بالخلق ينحصر في قسمين أيضاً وهما إيصال نفع إليهم في السر والعلانية وإليه الإشارة بقوله تعالى : { إن تبدوا خيراً أو تخفوه } أو رفع ضر عنهم وإليه الإشارة بقوله تعالى : { أو تعفوا عن سوء } فيدخل في هاتين الكلمتين جميع أعمال البر وجميع دفع الضر ، وقيل المراد بالخير المال والمعنى إن تبدوا الصدقة فتعطوها الفقراء جهراً أو تخفوها فتعطوها سراً أو تعفوا عن مظلمة { فإن الله كان عفواً قديراً } يعني لم يزل ذا عفو مع قدرته على الانتقام فأعفوا أنتم عمن ظلمكم واقتدوا بسنّة الله عز وجل يعف عنكم يوم القيامة لأنه أهل للتجاوز والعفو عنكم وقيل معناه إن الله كان عفواً لمن عفا قديراً على إيصال الثواب إليه .