المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

افتتحت هذه السورة بالإخبار بأن كل ما في السماوات وما في الأرض ينزه الله عما لا يليق بجلاله ، وبأن له الملك وله الحمد ، وأنه على كل شيء قدير ، ثم أتبعت ذلك بذكر بعض الدلائل على تمام قدرته وعلمه ، ثم لفتت الأنظار إلى الذين كفروا من قبل هؤلاء ، وعصوا رسل ربهم ، وأنهم ذاقوا وبال أمرهم وذلك لأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات ، فكفروا بهم وأعرضوا عنهم ، وانتقلت السورة بعد ذلك إلى إبطال زعم الكافرين أنهم لن يبعثوا ، وطلبت من الناس أن يؤمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل عليه ، وحذرتهم يوم الجمع ، يوم يظهر غبن الناس ، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم الفوز العظيم ، والذين كفروا هم أصحاب النار وبئس المصير ، وأن المصائب بإذن الله ، وأن من يؤمن بالله يهد قلبه .

وطلبت من الناس أن يطيعوا الله ورسوله ، فإن أعرضوا فإن الرسول ليس عليه إلا البلاغ ، وأخبرت المؤمنين أن أموالهم وأولادهم فتنة ، فلا تصرفهم العناية بهم عما أمروا به ، ثم أمرتهم أن يتقوا الله ما استطاعوا . وختمت السورة بحضهم على الإنفاق في سبيل الخير ، وأن الله شكور حليم عالم الغيب والشهادة فيجازيهم على أعمالهم ، وأنه عزيز لا يغلب ، حكيم لا يبعث .

1- ينزِّه الله عما لا يليق بجلاله كل ما في السماوات وما في الأرض . له الملك التام - وحده - وله الثناء الجميل ، وهو على كل شيء تام القدرة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة التغابن

وهي مدنية ، وقيل : مكية .

قال الطبراني : حدثنا محمد بن هارون بن محمد بن بكار الدمشقي ، حدثنا العباس بن الوليد الخلال ، حدثنا الوليد بن الوليد ، حدثنا ابن ثوبان ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عبد الله بن عَمرو ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مولود يولد إلا مكتوب في تشبيك رأسه خمس آيات من سورة التغابن " {[1]}

أورده ابن عساكر في ترجمة " الوليد بن صالح " {[2]} وهو غريب جدًّا ، بل منكر .

هذه السورة هي آخر المُسَبِّحات ، وقد تقدم الكلام على تسبيح المخلوقات لبارئها ومالكها ؛ ولهذا قال : { لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ } أي : هو المتصرف في جميع الكائنات ، المحمود على جميع ما يخلقه ويقدره .

وقوله : { وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي : مهما أراد كان بلا ممانع ولا مدافع ، وما لم يشأ لم يكن .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { يُسَبّحُ لِلّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .

يقول تعالى ذكره : يسجد له ما في السموات السبع وما في الأرض من خلقه ويعظمه .

وقوله : لَهُ المُلْكُ يقول تعالى ذكره : له ملك السموات والأرض وسلطانه ماض قضاؤه في ذلك نافذ فيه أمره .

وقوله : وَلَهُ الحَمْدُ يقول : وله حمد كلّ ما فيها من خلق ، لأن جميع من في ذلك من الخلق لا يعرفون الخير إلا منه ، وليس لهم رازق سواه فله حمد جميعهم وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يقول : وهو على كلّ شيء ذو قدرة ، يقول : يخلق ما يشاء ، ويميت من يشاء ، ويغني من أراد ، ويفقر من يشاء ويعزّ من يشاء ، ويذلّ من يشاء ، لا يتعذرّ عليه شيء أراده ، لأنه ذو القدرة التامة التي لا يعجزه معها شيء .