المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ثَمَّ رَأَيۡتَ نَعِيمٗا وَمُلۡكٗا كَبِيرًا} (20)

20- وإذا أبصرت أي مكان في الجنة رأيت فيه نعيما عظيما ، وملكا واسعا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ثَمَّ رَأَيۡتَ نَعِيمٗا وَمُلۡكٗا كَبِيرًا} (20)

ثم يجمل السياق خطوط المنظر ، ويلقي عليه نظرة كاملة تلخص وقعه في القلب والنظر :

( وإذا رأيت - ثم - رأيت نعيما وملكا كبيرا ) . .

نعيما وملكا كبيرا . هو الذي يعيش فيه الأبرار المقربون عباد الله هؤلاء ، على وجه الإجمال والعموم ! ثم يخصص مظهرا من مظاهر النعيم والملك الكبير ؛ كأنه تعليل لهذا الوصف وتفسير :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ثَمَّ رَأَيۡتَ نَعِيمٗا وَمُلۡكٗا كَبِيرًا} (20)

وقوله : { إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا } أي : إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة ، وكثرتهم ، وصباحة وجوههم ، وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم ، حسبتهم لؤلؤا منثورا . ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن .

قال قتاده ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو : ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف خادم ، كل خادم على عمل ما عليه صاحبه .

وقوله : { وَإِذَا رَأَيْتَ } أي : وإذا رأيت يا محمد ، { ثَمَّ } أي : هناك{[29609]} ، يعني في الجنة ونعيمها وسَعَتها وارتفاعها وما فيها من الحَبْرَة والسرور ، { رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا } أي : مملكةً لله هُناك عظيمةً وسلطانًا باهرًا .

وثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لآخر أهل النار خروجا منها ، وآخر أهل الجنة دخولا إليها : إن لك مثلَ الدنيا وعشرة أمثالها .

وقد قَدّمنا{[29610]} في الحديث المَرويّ من طريق ثُوَير بن أبي فاختة ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي{[29611]} سنة ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه " . فإذا كان هذا عطاؤه تعالى لأدنى من يكون في الجنة ، فما ظنك بما هو أعلى منزلة ، وأحظى عنده تعالى .

وقد روى الطبراني هاهنا حديثًا غريبًا جدًا فقال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا محمد بن عمار الموصلي ، حدثنا عفيف{[29612]} بن سالم ، عن أيوب بن عتبة ، عن عطاء ، عن ابن عمر قال : جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال له رسول الله : " سل واستفهم " . فقال : يا رسول الله ، فُضّلْتُم علينا بالصور والألوان والنبوة ، أفرأيتَ إن آمنتُ بما آمنتَ به وعملتُ بمثل ما عملتَ به ، إني لكائن معكَ في الجنة ؟ قال : " نعم ، والذي نفسي بيده ، إنه لَيُرَى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال : لا إله إلا الله ، كان له بها عَهدٌ عند الله ، ومن قال : سبحان الله وبحمده ، كتب له مائة ألف حسنة ، وأربعة وعشرون ألف حسنة " . فقال رجل : كيف نهلك بعد هذا يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وُضِعَ على جبل لأثقله ، فتقوم النعمة - أو : نعَم الله - فتكاد تستنفذ ذلك كله ، إلا أن يَتَغَمّده الله برحمته " . ونزلت هذه السورة : { هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ } إلى قوله : { وَمُلْكًا كَبِيرًا } فقال الحبشي : وإن عيني لترى ما ترى عيناك في الجنة ؟ قال : " نعم " . فاستبكى حتى فاضت نفسه . قال ابن عمر : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُدليه في حُفرَته بيده{[29613]} .


[29609]:- (2) في أ: "أي هنالك".
[29610]:- (3) عند تفسير الآية: 23 من سورة "القيامة".
[29611]:- (4) في أ: "مسيرة ألف".
[29612]:- (1) في م، أ، هـ: "حدثنا عقبة" والمثبت من المعجم الأوسط للطبراني.
[29613]:- (2) المعجم الأوسط برقم (4774) "مجمع البحرين"، وقال: "لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به عفيف".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ثَمَّ رَأَيۡتَ نَعِيمٗا وَمُلۡكٗا كَبِيرًا} (20)

وإذا رأيت ثم ليس له مفعول ملفوظ ولا مقدر لأنه عام معناه أن بصرك أينما وقع رأيت نعيما وملكا كبيرا واسعا وفي الحديث أدنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه هذا وللعارف أكبر من ذلك وهو أن تنتقش نفسه بجلايا الملك وخفايا الملكوت فيستضيء بأنوار قدس الجبروت .