المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

21- ومن دلائل رحمته أن خلق لكم - أيها الرجال - زوجات من جنسكم لتألفوهن ، وجعل بينكم وبينهن مودة وتراحماً . إن في ذلك لدلائل لقوم يفكرون في صنع الله تعالى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

17

ومن مجال الخلقة الأولى لنوع البشر ينتقل إلى مجال الحياة المشتركة بين جنسي البشر :

( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ، وجعل بينكم مودة ورحمة . إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) . .

والناس يعرفون مشاعرهم تجاه الجنس الأخر ، وتشغل أعصابهم ومشاعرهم تلك الصلة بين الجنسين ؛ وتدفع خطاهم وتحرك نشاطهم تلك المشاعر المختلفة الأنماط والاتجاهات بين الرجل والمرأة . ولكنهم قلما يتذكرون يد الله التي خلقت لهم من أنفسهم أزواجا ، وأودعت نفوسهم هذه العواطف والمشاعر ، وجعلت في تلك الصلة سكنا للنفس والعصب ، وراحة للجسم والقلب ، واستقرارا للحياة والمعاش ، وأنسا للأرواح والضمائر ، واطمئنانا للرجل والمرأة على السواء .

والتعبير القرآني اللطيف الرفيق يصور هذه العلاقة تصويرا موحيا ، وكأنما يلتقط الصورة من أعماق القلب وأغوار الحس : ( لتسكنوا إليها ) . . ( وجعل بينكم مودة ورحمة ) . .

( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) . . فيدركون حكمة الخالق في خلق كل من الجنسين علي نحو يجعله موافقا للآخر . ملبيا لحاجته الفطرية : نفسية وعقلية وجسدية . بحيث يجد عنده الراحة والطمأنينة والاستقرار ؛ ويجدان في اجتماعهما السكن والاكتفاء ، والمودة والرحمة ، لأن تركيبهما النفسي والعصبي والعضوي ملحوظ فيه تلبية رغائب كل منهما في الآخر ، وائتلافهما وامتزاجهما في النهاية لإنشاء حياة جديدة تتمثل في جيل جديد . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

وقوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } أي : خلق لكم من جنسكم إناثا يَكُنَّ لكم أزواجا ، { لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا } ، كما قال تعالى : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } [ الأعراف : 189 ] يعني بذلك : حواء ، خلقها الله من آدم من ضِلَعه الأقصر الأيسر . ولو أنه جعل بني آدم كلهم ذكورا وجعل إناثهم من جنس آخر [ من غيرهم ]{[22797]} إما من جان أو حيوان ، لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج ، بل كانت تحصل نَفْرَة لو كانت الأزواج من غير الجنس . ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم ، وجعل بينهم وبينهن مودة : وهي المحبة ، ورحمة : وهي الرأفة ، فإن الرجل{[22798]} يمسك المرأة إما لمحبته لها ، أو لرحمة بها ، بأن يكون لها منه ولد ، أو محتاجة إليه في الإنفاق ، أو للألفة بينهما ، وغير ذلك ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } .


[22797]:- زيادة من ت، ف.
[22798]:- في ت، ف: "فالرجل"
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لّتَسْكُنُوَاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مّوَدّةً وَرَحْمَةً إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ومن حججه وأدلته على ذلك أيضا خلقه لأبيكم آدم من نفسه زوجة ليسكن إليها ، وذلك أنه خلق حوّاء من ضلع من أضلاع آدم . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة وَمِنْ آياتِهِ أنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ أزْوَاجا خلقها لكم من ضلع من أضلاعه .

وقوله : وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدّةً وَرَحْمَةً يقول : جعل بينكم بالمصاهرة والختونة مودّة تتوادّون بها ، وتتواصلون من أجلها ، ورحمة رحمكم بها ، فعطف بعضكم بذلك على بعض إنّ فِي ذلكَ لاَياتٍ لقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ يقول تعالى ذكره : إن في فعله ذلك لعبرا وعظات لقوم يتذكرون في حجج الله وأدلته ، فيعلمون أنه الإله الذي لا يُعجزه شيء أراده ، ولا يتعذّر عليه فعل شيء شاءه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

{ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا } لأن حواء خلقت من ضلع آدم وسائر النساء خلقن من نطف الرجال ، أو لأنهن من جنسهم لا من جنس آخر . { لتسكنوا إليها } لتميلوا إليها وتألفوا بها فإن الجنسية علة للضم والاختلاف سبب للتنافر . { وجعل بينكم } أي بين الرجال والنساء ، أو بين أفراد الجنس . { مودة ورحمة } بواسطة الزواج حال الشبق وغيرها بخلاف سائر الحيوانات نظما لأمر المعاش ، أو بأن تعيش الإنسان متوقف على التعارف والتعاون المحوج إلى التواد والتراحم ، وقيل المودة كناية عن الجماع والرحمة عن الولد كقوله تعالى : { ورحمة منا } . { إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } فيعلمون ما في ذلك من الحكم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

وقوله { من أنفسكم } يحتمل أن يريد خلقه حواء من ضلع آدم فحمل ذلك على جميع النساء من حيث أمهم مخلوقة من نفس آدم ، أي من ذات شخصه ، ويحتمل أن يريد من نوعكم ومن جنسكم ، و «المودة والرحمة » على بابها المشهور من التواد والتراحم ، هذا هو البليغ ، وقال مجاهد والحسن وعكرمة : عنى ب «المودة » الجماع وب «الرحمة » الولد .