غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

1

وحين بين خلق الإنسان ولم يكن مما يبقى على مر الزمان منَّ عليهم بأن جعل نوع الإنسان باقياً بتعاقب الأشخاص فقال { ومن آياته أن خلق لكم } ولا يلزم منه أن لا يكنَّ مخلوقات للعبادة والتكليف لأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه ، فقد يكون الشيء مختصاً باثنين وجعل مهيأ لآخرين على أن النعمة ما كانت تتم علينا إلا بتكليفهن ، فلولا خوف العقاب لتمردت النسوان على أزواجهن .

و{ من أنفسكم } أي من جنسكم أو هو إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم وقد مر في " النحل " ويشهد للتفسير الأول قوله { لتسكنوا إليها } فإن الجنس إلى الجنس أسكن { وجعل بينكم مودة } عن الحسن هي الجماع { ورحمة } هي الولد . وقال غيره : المودة حالة حاجة نفسه إليها ، والرحمة حالة حاجة صاحبته إليه ، وقد تفضي المودة إلى مجرد الرحمة وذلك إذا خرجت عن محل الشهوة بكبر أو مرض ، أو خرج عن إمكان رعاية حقها بكبر أو زمانة أو فقر . قال بعضهم : المودة والرحمة بعصمة الزواج من غير سابقة معرفة وقرابة وهي من قبل الله ، والفرك من قبل الشيطان { إن في ذلك } الخلق والجعل { لآيات لقوم يتفكرون } فخلق الإنسان من الوالدين آية ، وجعل أحدهما ذكراً والآخر أنثى آية ، وخروج الولد الضعيف من الموضع الضيق آية ، وجعل التوادد بين الزوجين من غير صلة رحم آية .

/خ32