الآية 21 وقوله تعالى : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا } [ يحتمل وجهين :
أحدهما ] ( {[15943]} ) : أي من أجناسكم وأشكالكم { لتسكنوا إليها } يقول : إنما جعل ما تسكنون إليه ، وتتآلفون من جنسكم وشكلكم ما تعرفون ، لم يجعل في غير جنسكم وشكلكم ما تعرفون كقوله : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } [ التوبة : 128 ] أي من جنسكم وشكلكم من تعرفون صدقه وبعثه وأمانته ما لو من غير جنسكم وشكلكم لا تعرفونه .
فعلى ذلك جائز قوله : { خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها } أي من جنسكم ما تسكنون إليها [ وتستأنسون بهم ما لو كانوا من غير جنسهم لا يكون ذلك : أن يستأنس كل ذي شكل بشكله وجنسه .
والثاني : ما ذكرنا أنه أراد آدم وحواء ، أي خلق زوجته حواء من نفسه ، فجعلها له سكنا يسكن إليها ]( {[15944]} ) ويستأنس بها ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وجعل بينكم } أي بينكم وبين الأزواج { مودة وحمة } يحتمل قوله { مودة ورحمة } وجهين :
أحدهما : يودها لما جعلها( {[15945]} ) له موضعا لقضاء شهوته وحاجته ، وكذلك هي توده لذلك . { ورحمة } أي يرحم بعضهم بعضا ، ويتحنن إليه إذا نزل منهما ما يمنع قضاء الشهوة والحاجة .
والثاني : يود بعضهم بعضا ، ويرحم بالطبع والخلقة ؛ إذ كل ذي طبع يود شكله وجنسه إذا كان في حال السعة والرخاء والسرور ، ويرحمه إذا نزل به البلاء والشدة .
هذا معروف عند الناس : أن يتراحم بعضهم على بعض في حال نزول البلاء والشدة ، ويتوادوا( {[15946]} ) في حال السعة والسرور .
وقال/411-أ/ الحسن : { وجعل بينكم مودة } أي الجماع { ورحمة } أي الولد . فكيف ما كان فهو يخبر عن لطفه ومنته حين( {[15947]} ) جعل بين الزوج والزوجة المودة والرحمة على عدم القرابة والرحم وبعد ما بينهما ، فصارا لما ذكرنا في المودة والرحمة كالقريبين وذوي الرحمين وأقرب القريب .
ثم [ الآية حجة ]( {[15948]} ) على المعتزلة لأنه أخبر أنه جعل بينهم مودة ورحمة ، وذلك فعل الزوجين في الظاهر .
ثم أضاف ذلك إلى نفسه ، وأخبر أنه جعل [ ذلك آية ، فدل ]( {[15949]} ) أن له صنعا في ذلك ، فيبطل قولهم : أن ليس لله صنع في فعل العباد ، ويظل( {[15950]} ) اللطف الذي ذكر أنه جعله( {[15951]} ) بينهم .
وقوله تعالى : { إن في ذلك لآيات } لما ذكرنا من آيات وحدانيته وربوبيته وآيات البعث والنشور وآيات الرسالة { لقوم يتفكرون } لقوم ينتفعون ، وهم المؤمنون ، أو { لقوم يتفكرون } يتدبرون( {[15952]} ) ، ويعتبرون ، فينتفعون( {[15953]} ) .
فأما من لا يتفكر ، ويتدبر ، فلا ينتفع [ بها ، وهي ليست ]( {[15954]} ) بآيات له ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.