فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

{ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم } أي من جنسكم في البشرية والإنسانية { أزواجا } وقيل : المراد حواء فإنه خلقها من ضلع آدم ، والنساء بعدها خلقن من أصلاب الرجال ونطف النساء { لتسكنوا } أي : تألفوا وتميلوا { إليها } أي إلى الأزواج فإن الجنسين المختلفين لا يسكن أحدهما إلى الآخر ولا يميل قلبه إليه .

{ وجعل بينكم مودة ورحمة } أي : ودادا وترحما بسبب عصمة النكاح يعطف به بعضكم على بعض من غير أن يكون بينكم من قبل ذلك معرفة فضلا عن مودة ورحمة ، وقال مجاهد : المودة الجماع ، والرحمة الولد ، وبه قال الحسن وابن عباس ، وقال السدي : المودة المحبة ، والرحمة : الشفقة وقيل : المودة حب الرجل امرأته ، والرحمة رحمته إياها من أن يصيبها بسوء وقيل : المودة للشابة ، والرحمة : للعجوز وقيل : المودة والرحمة من الله والفرك من الشيطان ، أي بغض المرأة زوجها وبغض الزوج المرأة .

{ إن في ذلك } المذكور سابقا { لآيات } عظيمة الشأن بديعة البيان واضحة البرهان على قدرته سبحانه على البعث والنشور { لقوم يتفكرون } أن قوام الدنيا بوجود التناسل ، لأنهم الذين يقتدرون على الاستدلال لكون التفكر مادة له ، يتحصل عنه ، أو لأن الفكر يؤدي إلى الوقوف على المعاني المطلوبة من التأنس و التجانس بين الأشياء كالزوجين وأما الغافلون عن التفكر فما هم إلا كالأنعام .