الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

{ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أزواجا } لأنّ حوّاء خلقت من ضلع آدم عليه السلام ، والنساء بعدها خلقن من أصلاب الرجال . أو من شكل أنفسكم وجنسها ، لا من جنس آخر ، وذلك لما بين الاثنين من جنس واحد من الإلف والسكون ، وما بين الجنسين المختلفين من التنافر { وَجَعَلَ بَيْنَكُم } التوادّ والتراحم بعصمة الزواج ، بعد أن لم تكن بينكم سابقة معرفة ، ولا لقاء ، ولا سبب يوجب التعاطف من قرابة أو رحم . وعن الحسن رضي الله عنه : المودة كناية عن الجماع ، والرحمة عن الولد ، كما قال : { وَرَحْمَةً مِّنَّا } [ مريم : 21 ] وقال : { ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ } [ مريم : 2 ] . ويقال : سكن إليه ، إذا مال إليه ، كقولهم : انقطع إليه ، واطمأن إليه - ومنه السكن . وهو الإلف المسكون إليه . فعل بمعنى مفعول . وقيل : إن المودة والرحمة من قبل الله وإن الفرك من قبل الشيطان .