المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَٰمِلٞۖ سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَمَنۡ هُوَ كَٰذِبٞۖ وَٱرۡتَقِبُوٓاْ إِنِّي مَعَكُمۡ رَقِيبٞ} (93)

93- ويا قوم اعملوا على ما أنتم قادرون عليه ، وما تستطيعون عمله ، إن لم تسمعوا نصحي إني مثابر على العمل بما يخالف عملكم ، وسوف تعلمون مَنْ مِنا الذي يأتيه عذاب يفضحه ويذله ، ومَن مِنا الذي هو كاذب : أأنا الذي أنذركم بالعذاب ، أم أنتم الذين أنذرتموني بالإخراج من القرية ؟ وانتظروا ما سيحصل ، إني معكم منتظر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَٰمِلٞۖ سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَمَنۡ هُوَ كَٰذِبٞۖ وَٱرۡتَقِبُوٓاْ إِنِّي مَعَكُمۡ رَقِيبٞ} (93)

84

ومن هذه الغضبة لله . والتنصل من الاعتزاز أو الاحتماء بسواه ، ينبعث ذلك التحدي الذي يوجهه شعيب إلى قومه ؛ وتقوم تلك المفاصلة بينه وبينهم - بعد أن كان واحدا منهم - ويفترق الطريقان فلا يلتقيان :

( ويا قوم اعملوا على مكانتكم ) . .

وامضوا في طريقكم وخطتكم ، فقد نفضت يدي منكم .

( إني عامل ) . .

على طريقتي ومنهجي .

( سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب ) . .

أنا أم أنتم ؟

( وارتقبوا إني معكم رقيب ) . .

للعاقبة التي تنتظرني وتنتظركم . . وفي هذا التهديد ما يوحي بثقته بالمصير . كما يوحي بالمفاصلة وافتراق الطريق . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَٰمِلٞۖ سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَمَنۡ هُوَ كَٰذِبٞۖ وَٱرۡتَقِبُوٓاْ إِنِّي مَعَكُمۡ رَقِيبٞ} (93)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَقَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَىَ مَكَانَتِكُمْ إِنّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوَاْ إِنّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } .

يقول تعالى ذكره ، مخبرا عن قيل شعيب لقومه : { ويا قَوْمِ اعْمَلُوا على مَكانَتِكُمْ } ، يقول : على تمكنكم ، يقال منه : الرجل يعمل على مَكينته ومكِنته ، أي : على اتئاده ، ومَكُن الرجُل يمكُن مَكْنا ومَكانة ومكانا .

وكان بعض أهل التأويل يقول في معنى قوله : على مَكانَتِكُمْ : على منازلكم . فمعنى الكلام إذن : ويا قوم اعملوا على تمكنكم من العمل الذي تعملونه ، إنّي عامِلٌ على تؤدة من العمل الذي أعمله ، سَوفَ تَعْلَمُونَ أينا الجاني على نفسه والمخطىء عليها والمصيب في فعله المحسن إلى نفسه .

القول في تأويل قوله تعالى : { مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إنّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } .

يقول تعالى ذكره ، مخبرا عن قيل نبيه شعيب لقومه : الذي يأتيه منا ومنكم أيها القوم { عَذابٌ يُخْزِيهِ } ، يقول : يذله ويهينه ، { وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ } ، يقول : ويخزي أيضا الذي هو كاذب في قيله وخبره منا ومنكم . { وَارْتَقِبُوا } ، أي : انتظروا وتفقدوا من الرقبة ، يقال منه : رَقَبْتُ فلانا أرْقُبُه رِقْبة . وقوله : { نّي مَعَكُم رَقِيبٌ } ، يقول : إني أيضا ذو رِقبة لذلك العذاب معكم ، وناظر إليه ، بمن هو نازل منا ومنكم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَٰمِلٞۖ سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَمَنۡ هُوَ كَٰذِبٞۖ وَٱرۡتَقِبُوٓاْ إِنِّي مَعَكُمۡ رَقِيبٞ} (93)

عطف نداء على نداء زيادة في التنبيه ، والمقصود عطف ما بعد النداء الثاني على ما بعد النداء الأوّل .

وجملة { اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون } تقدّم تفسير نظيرها في سورة الأنعام .

والأمر للتهديد . والمعنى : اعملوا متمكّنين من مكانتكم ، أي حالكم التي أنتم عليها ، أي اعملوا ما تحبّون أن تعملوه بي .

وجملة { إني عامل } مستأنفة . ولم يقرن حرف { سوف } في هذه الآية بالفاء وقرن في آية سورة الأنعام بالفاء ؛ فجملة { سوف تعلمون } هنا جعلت مستأنفة استئنافاً بيانيّاً إذ لمّا فاتحهم بالتّهديد كان ذلك ينشىء سؤالاً في نفوسهم عما ينشأ على هذا التّهديد فيجاب بالتهديد ب { سوف تعلمون } . ولكونه كذلك كان مساوياً للتفريع بالفاء الواقع في آية الأنعام في المآل ، ولكنّه أبلغ في الدّلالة على نشأة مضمون الجملة المستأنفة عن مضمون التي قبلها ؛ ففي خطاب شعيب عليه السّلام قومه من الشدة ما ليس في الخطاب المأمور به النبيءُ صلى الله عليه وسلم في سورة الأنعام جرياً على ما أرسل الله به رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم من اللين لهم { فبما رحمةٍ من الله لنت لهم } [ آل عمران : 159 ] . وكذلك التفاوت بين معمولي { تعلمون } فهو هنا غليظ شديد { من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب } وهو هنالك لين { مَن تكون له عاقبة الدّار } [ الأنعام : 135 ] .

و { من } استفهام معلق لفعل العلم عن العمل ، أي تعلمون جواب هذا السؤال . والعذاب : خزي لأنّه إهانة .

والارتقاب : الترقّب ، وهو افتعال من رقبه إذا انتظره .

والرّقيب هنا فعيل بمعنى فاعل ، أي أني معكم راقب ، أي كل يرتقب ما يجازيه الله به إن كان كاذباً أو مكذّباً .