المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ وَأَنِّي فَضَّلۡتُكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (47)

47- يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت بها عليكم ، من إخراجكم من ظلم فرعون وهدايتكم وتمكينكم في الأرض بعد أن كنتم مستضعفين فيها ، واشكروا واهبها بطاعتكم له ، واذكروا أنني أعطيت آباءكم الذين انحدرتم منهم ما لم أعطه أحداً من معاصريكم ، والخطاب لجنس اليهود وموجه كذلك للمعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ وَأَنِّي فَضَّلۡتُكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (47)

40

ومن ثم عودة إلى نداء بني إسرائيل ، وتذكيرهم بنعمة الله عليهم ، وتخويفهم ذلك اليوم المخيف إجمالا قبل الأخذ في التفصيل :

( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ، وأني فضلتكم على العالمين . واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ، ولا يقبل منها شفاعة ، ولا يؤخذ منها عدل ، ولا هم ينصرون ) .

وتفضيل بني إسرائيل على العالمين موقوت بزمان استخلافهم واختيارهم ، فأما بعد ما عتوا عن أمر ربهم ، وعصوا أنبياءهم ، وجحدوا نعمة الله عليهم ، وتخلوا عن التزاماتهم وعهدهم ، فقد اعلن الله حكمه عليهم باللعنة والغضب والذلة والمسكنة ، وقضى عليهم بالتشريد وحق عليهم الوعيد .

وتذكيرهم بتفضيلهم على العالمين ، هو تذكير لهم بما كان لهم من فضل الله وعهده ؛ وإطماع لهم لينتهزوا الفرصة المتاحة على يدي الدعوة الإسلامية ، فيعودوا إلى موكب الإيمان . وإلى عهد الله ؛ شكرا على تفضيله لآبائهم ، ورغبة في العودة إلى مقام التكريم الذي يناله المؤمنين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ وَأَنِّي فَضَّلۡتُكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (47)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِي الّتِيَ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }

قال أبو جعفر : وتأويل ذلك في هذه الآية نظير تأويله في التي قبلها في قوله : اذْكُرُوا نِعْمَتِي الّتِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وأوْفُوا بعَهْدِي وقد ذكرته هنالك .

القول في تأويل قوله تعالى : وأنّي فَضّلْتُكُمْ على العَالمِينَ .

قال أبو جعفر : وهذا أيضا مما ذكرهم جل ثناؤه من آلائه ونعمه عندهم . ويعني بقوله : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلى العَالَمِينَ : أني فضلت أسلافكم ، فنسب نعمه على آبائهم وأسلافهم إلى أنها نعم منه عليهم ، إذ كانت مآثر الاَباء مآثر للأبناء ، والنعم عند الاَباء نعما عند الأبناء ، لكون الأبناء من الاَباء ، وأخرج جلّ ذكره قوله : وأنّي فَضّلْتُكُمْ على العَالَمِينَ مخرج العموم ، وهو يريد به خصوصا لأن المعنى : وإني فضلتكم على عالم من كنتم بين ظهريه وفي زمانه . كالذي :

حدثنا به محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلى العَالَمِينَ قال : فضلهم على عالم ذلك الزمان .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ قال : بما أعطوا من الملك والرسل والكتب على عالم من كان في ذلك الزمان ، فإن لكل زمان عالما .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال مجاهد في قوله : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ قال : على من هم بين ظهرانيه .

وحدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : على من هم بين ظهرانيه .

وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سألت ابن زيد عن قول الله : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ قال : عالم أهل ذلك الزمان . وقرأ قول الله : وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلى العَالَمِينَ قال : هذه لمن أطاعه واتبع أمره ، وقد كان فيهم القردة وهم أبغض خلقه إليه ، وقال لهذه الأمة : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ للنّاسِ قال : هذه لمن أطاع الله واتبع أمره واجتنب محارمه .

قال أبو جعفر : والدليل على صحة ما قلنا من أن تأويل ذلك على الخصوص الذي وصفنا ما :

حدثني به يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر جميعا ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «ألا إنّكُمْ وَفّيْتُمْ سَبْعِين أُمّةً » قال يعقوب في حديثه : «أنتم آخرها » . وقال الحسن : «أنتم خيرها وأكرمها على الله » . فقد أنبأ هذا الخبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن بني إسرائيل لم يكونوا مفضلين على أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، وأن معنى قوله : وَفَضّلْناهُمْ عَلَى العَالَمِينَ وقوله : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلى العَالَمِينَ على ما بينا من تأويله . وقد أتينا على بيان تأويل قوله : العَالَمِينَ بما فيه الكفاية في غير هذا الموضع ، فأغنى ذلك عن إعادته .