ومرة أخرى يواجههم بمظهر من مظاهر النكث والنكسة ، والتحلل من العهد والعجز عن الاستمساك به ، والضعف عن احتمال تكاليفه ، والضعف أمام الهوى أو النفع القريب :
( ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت : فقلنا لهم : كونوا قردة خاسئين ، فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها ، وموعظة للمتقين ) . .
وقد فصل القرآن حكاية اعتدائهم في السبت في موضع آخر فقال : ( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ) . . فلقد طلبوا أن يكون لهم يوم راحة مقدس ، فجعل الله لهم يوم السبت راحة مقدسا لا يعملون فيه للمعاش . ثم ابتلاهم بعد ذلك بالحيتان تكثر يوم السبت ، وتختفي في غيره ! وكان ابتلاء لم تصمد له يهود ! وكيف تصمد وتدع هذا الصيد القريب يضيع ؟
أتتركه وفاء بعهد واستمساكا بميثاق ؟ إن هذا ليس من طبع يهود !
ومن ثم اعتدوا في السبت . اعتدوا على طريقتهم الملتوية . راحوا يحوطون على الحيتان في يوم السبت ، ويقطعونها عن البحر بحاجز ، ولا يصيدونها ! حتى إذا انقضى اليوم تقدموا وانتشلوا السمك المحجوز !
( فقلنا لهم : كونوا قردة خاسئين ) . .
لقد حق عليهم جزاء النكول عن عهدهم مع الله ، والنكوص عن مقام الإنسان ذي الإرادة . فانتكسوا بهذا إلى عالم الحيوان والبهيمة ، الحيوان الذي لا إرادة له ، والبهيمة التي لا ترتفع على دعوة البطون ! انتكسوا بمجرد تخليهم عن الخصيصة الأولى التي تجعل من الإنسان إنسانا . خصيصة الإرادة المستعلية المستمسكة بعهد الله .
وليس من الضروري أن يستحيلوا قردة بأجسامهم ، فقد استحالوا إليها بأرواحهم وأفكارهم ، وانطباعات الشعور والتفكير تعكس على الوجوه والملامح سمات تؤثر في السحنة وتلقي ظلها العميق !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.