لما عدّد وجوه إنعامه عليهم شرح [ إليهم ]{[1365]} ما وجه إليهم من التشديدات .
و " اللام " في [ لقد ] جواب قسم محذوف تقديره : واللَّهِ لَقَد ، وكذلك نظائرها .
قال بعض المتأخرين لها نحو أربعين معنى قال : وجميع أقسام " اللام " التي هي حرف معنى يرجع عند التَّحقيق إلى قسمين : عاملة ، وغير عاملة .
فالعاملة قسمان : جارّة ، وجازمة ، وزاد الكوفيون النَّاصبة للفعل .
وغير العاملة خمسة أقسام : لام ابتداء ، ولام فارقة ، ولام الجواب ، ولام موطّئة ، ولام التعريف عند من جعل حرف التعريف أحادياً .
أما الجارة فلها ثلاثون قسماً مذكورة في كتب النحو .
وأمّا الجازمة فلام الأمر ، والدعاء والالْتِمَاس . وحركة هذه اللام الكسر .
ونقل ابن مالك عن الفرّاء أن فتحها لغة ، ويجوز إسكانها بعد الواو والفاء ، وهو الأكثر .
وفي حذف لام الطلب وإبقاء عملها أقوال :
وأما اللام [ هنا فهي لام " كي " ]{[1366]} عند الكوفيين ، وعند البصريين لام جَرّ .
ولام الجحود نحو : ما كان زيد لِيَذْهَبَ ، ولام الصَّيرورة ، وتسمى لام التَّعَاقُب ، ولام المآل{[1367]} واللام الزائدة كقوله : { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } [ النساء : 26 ] واللام بمعنى الفاء كقوله : { رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ } [ يونس : 88 ] أي : فيضلوا . والكلام على هذه اللاَّمات ليس هذا موضعه ، وإنما نبّهنا عليه ، فيطلب من مكانه .
و " قد " حرف تحقيق وتوقّع ، وتفيد في المضارع التقليلَ إلاّ في أفعالِ الله تعالى فإنها للتحقيق ، وقد تخرج المضارع إلى المُضِيِّ كقوله : [ البسيط ]
563 قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرًّا أنَامِلُهُ *** كَأَنَّ أثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَادِ{[1368]}
وهي أداة مختصّة بالفعل ، وتدخل على الماضي والمضارع ، وتحدث في الماضي التقريب من الحال .
وفي عبارة بعضهم : " قد " حرف يصحب الأفعال ، ويُقَرَّب الماضي من الحال ، ويحدث تقليلاً في الاستقبال .
والحاصل أنها تفيد مع الماضي أحد ثلاثة مَعَانٍ : التوقّع ، التقريب ، والتحقيق ، ومع المضارع أحد أربعة معانٍ : التوقّع ، والتقليل ، والتكثير ، والتحقيق . قال ابن مالك : " والدَّالة على التقليل تصرف المضارع " ، وكذلك الدّالة على التكثير . وأما الدالة على التحقيق ، فقد تصرفه إلى المُضِيِّ ، ولا يلزم فيها ذلك ، وهي مع الفعل كجزء منه ، فلا يفصل بينهما بغير القسم ؛ كقوله : [ الطويل ]
564 أخَالِدُ قَدْ وَاللّهِ - أَوْطَأْتَ عَشْوَةً *** وَمَا العَاشِقُ المَظْلُومُ فِينَا بِسَارِقِ{[1369]}
وإذا دخلت على الماضي ، فيشترط أن يكون متصرفاً ، وإذا دخلت على المضارع ، فيشترط تجرّدهُ من جازم وناصب ، وحرف تنفيس ، وتكون اسماً بمعنى " حَسْب " ؛ نحو : " قَدْنِي دِرْهَمٌ " ، أي : حَسْبِي ، وتتّصل بها نون الوقاية مع ياء المتكلم غالباً ، وقد جمع الشاعر بين الأمرين ، قال : [ الرجز ]
565 قَدْنِي مِنْ نَصْرِ الخُبْيبَيْنِ قَدِي{[1370]} *** . . .
والياء المتّصلة ب " قدني " في موضع نصب إن كان " قَدْني " اسم فعل ، وفي موضع جرّ إن كانت بمعنى " حَسْب " .
والياء في " قدي " تحتمل أن تكون بمعنى " حسبي " ، ولم يأت بنون الوقاية على أحد الوجهين ، وتحتمل أن تكون اسم فعل ، وحذفت النون للضرورة ، وتحتمل أن تكون اسم فعل ، والياء للإطلاق .
وإن كانت حرفاً جاز حذف الفعل بعدها ، كقوله : [ الكامل ]
566 أَزِفَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رَكَابَنَا *** لَمّا تَزُلْ بِرِحَالِنَا وَكَأَنْ قِدِ{[1371]}
وللقسم وجوابه أحكام تأتي إن شاء الله تعالى [ مفصلة ]{[1372]} .
و " عَلِمْتُم " بمعنى : عرفتم ، فيتعدّى لواحد فقط .
والفرق بين العِلْمِ والمَعْرفة أن العلم يستدعي معرفة الذات ، وما هي عليه من الأحوال نحو : " علمت زَيداً قائماً أو ضاحكاً " ، والمعرفة تستدعي معرفة الذَّات .
وقيل : لأن المعرفة يسبقها جهل ، والعلم قد لا يسبقه جهل ، ولذلك لا يجوز إطلاق المعرفة عليه سبحانه وتعالى .
و " الَّذِينَ اعْتَدَوا " الموصول وصِلَتُهُ في محصل نصب مفعول به ، ولا حاجة إلى حذف مضاف كما قدره بعضهم ، أي : أحكام الذين اعتدوا ؛ لأن المعنى عرفتم أشخاصهم وأعيانهم .
وأصل " اعْتَدَوْا " : " اعْتَدَيُوا " ، فأعلّ بالحذف ، ووزنه " افْتَعَوْا " ، وقد عرف تصريفه ومعناه .
و " منكم " في محلّ نصب على الحال من الضمير في " اعتدوا " ، ويجوز أن يكون من " الذين " . أي من المعتدين كائنين منكم .
و " في السَّبْتِ " متعلّق ب " اعتدوا " ، والمعنى : في حكم السبت .
وقال أبو البقاء : وقد قالوا : " اليوم السَّبت " ، فجعلوا " اليوم " خبراً عن " السبت " ، كما يقال : " اليوم القِتَال " ، فعلى ما ذكرنا يكون في الكلام حذف ، تقديره : في يوم السَّبْت ، فالسّبت في الأصل مصدر " سَبَتَ " أي : قطع العمل .
وقال ابن عطية : والسَّبْت : إما مأخوذ من " السُّبُوت " الذي هو الراحة والدَّعَة ، وإما من " السَّبْت " وهو القَطْع ؛ لأن الأشياء فيه سبتت ، وتمت خِلْقَتُهَا .
ومنه قولهم : سبت رأسه أي : حلقه .
وقال الزمخشري : " والسّبت مصدر [ سبتت ] اليهود : إذا عظمت يوم السبت " . وفيه نظر ، فإنّ هذا اللفظ موجود ، واشتقاقه مذكور في لسان العرب قبل فعل اليَهُود ذلك ، اللّهم إلا [ أن ]{[1373]} يريد هذا السبت الخاصَّ المذكور في هذه الآية .
والأصل فيه المصدر كما ذكرت ، ثم سمي به هذا اليوم من الأسبوع ، لاتفاق وقوعه فيه كما تقدم أن خلق الأشياء تَمّ وانقطع ، وقد يقال : يوم السبت فيكون مصدراً .
وإذا ذكر معه " اليوم " ، أو مع ما أشبهه من أسماء الأزمنة مما يتضمّن عملاً وحدثاً جاز نصب " اليوم " ، ورفعه ، نحو : " اليوم الجمعة " ، " اليوم العيد " كما يقال : " اليوم الاجتماع والعَوْد " .
فإن ذكر مع " الأحد " وأخواته وجب الرفع على المشهور ، وتحقيقها مذكور في [ كتب ] النحو .
روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه قال : هؤلاء القوم كانوا في زمان دَاوُدَ عليه الصلاة والسلام ب " أيلة " على ساحل البحر بين " المدينة " و " الشام " وهو مكان يجتمع إليه الحيتان من كل أرض في شهر من السّنة حتى لا يرى الماء لكثرتها ، وفي غير ذلك الشهر في كل سَبْت يجتمعون هناك حتى يخرجن بخراطيمهن من الماء لأمنها ، فإذا مَضَى يوم السَّبت تفرقن ، ولزمن قَعْرَ البحر فذلك قوله : { إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ } [ الأعراف : 163 ] فعمد رجال فحفروا حِيَاضاً عند البحر ، وشرعوا إليها الجَدَاول ، فإذا كانت عشية يوم الجمعة فَتَحُوا تلك الجداول ، فكانت الحيتان تدخل إلى الحِيَاض ، فلا تطيق الخروج منها لبعد عُمْقِها ، وقلّة الماء ، فيأخذونها يوم الأحد .
وقيل : كانوا ينصبون الحَبَائل والشّصُوص يوم الجمعة ، ويخرجونها يوم الأحد ، وذلك هو اعتداؤهم ، ففعلوا ذلك زماناً واشتغلوا وهم خائفون من العقوبة ، فلما طال العَهْدُ ، ولم تنزل عقوبة قَسَتْ قلوبهم [ وتجرءوا ]{[1374]} على الذنب فاسْتَنّ الأبناء بِسُنَّة الآباء ، واتخذوا الأموال ، وقالوا : ما نرى السبت إلاّ وقد أحل لنا ، فمشى إليهم طوائف من أهل المدينة الذين كرهوا الصيد في السبت ، ونهوهم عن ذلك فلم ينتهوا ، وقالوا : نحن في هذا العمل منذ زمان ، فما زادنا الله به إلا عِزًّا فقيل لهم : لا تفتروا فربما نزل بكم العَذَابُ ، فانقسموا ثلاثة أصناف : صنف أَمْسَكَ وانتهى ، وصنف ما أمسك ولم يَنْتَهِ ، وصنف انتهكوا الحرمة فلما أبوا قَبُولَ النصح قال الناهون : والله لا ننساكم فقسموا القرية بجدار ، ومكثوا على ذلك سنين ، فلعنهم داود عليه الصلاة والسلام وغضب الله عز وجل عليهم لإصرارهم على المعصية ، فخرج النَّاهون ذات يوم من بابهم ، والمجرمون لم يفتحوا بابهم ، ولم يخرج منهم أحد فلما أبطئوا تَسَوّروا عليهم الحائط ، فإذا هم جميعاً قردة خاسئين .
فإن قيل : إذا كانوا قد نهوا عن الاصْطِيَاد يوم السَّبت ، فما الحكمة في أن أكثر الحيتان يوم السَّبت دون سائر الأيام ؟
فالجواب : أما على مذهب أهل السُّنة فإرادة الإضلال جائزة من الله تعالى .
وأما على مذهب المعتزلة ، فالتشديد في التكاليف حسن لغرض ازدياد الثواب .
و " قِردَةً خَاسِئِيْنَ " يجوز فيه أربعة أوجه :
أحدها : أن يكونا خبرين ، قال الزَّمخشري : " أي : كونوا جامعين بين القِردَيّة والخسوء " .
وهذا التقدير منه بناء على أن الخبر لا يتعدّد ، فلذلك قدرهما بمعنى خبر واحد من باب : " هذا حُلْو حَامض " وقد تقدّم القول فيه .
والثَاني : أن يكون " خاسئين " نعتاً ل " قردة " قاله أبو البقاء . وفيه نظر من حيث إنّ القردة غير عقلاء ، وهذا جمع العقلاء .
فإن قيل : المخاطبون عقلاء ؟ فالجواب : أنّ ذلك لا يفيد ؛ لأن التقدير عندكم حينئذ : كونوا مثل قردة من صفتهم الخُسوء ، ولا تعلّق للمخاطبين بذلك ، إلا أنه يمكن أن يقال : إنهم مشبَّهُون بالعقلاء كقوله : { لِي سَاجِدِينَ } [ يوسف : 4 ] و { أَتَيْنَا طَائِعِينَ } [ فصلت : 11 ] .
والثالث : أن يكون حالاً من اسم " كونوا " ، والعامل فيه " كونوا " ، وهذا عند من يجيز ل " كان " أن تعمل في الظروف [ والأحوال ]{[1375]} وفيه خلاف سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى عند قوله : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً } [ يونس : 2 ] .
الرابع : وهو الأجود أن يكون حالاً من الضمير المُسْتكنّ في " قردة " ؛ لأنه في معنى المشتق أي : كونوا ممسوخين في هذه الحال .
وجمع " فِعْل " على " فِعَلَة " قليل لا يَنْقَاس .
ومادة " القرد " تدلّ على اللُّصوق والسكون ، تقول : قَرَد بمكان كذا : أي : لصق به وسكن ، ومنه : الصُّوف " الْقَرَد " أي : المتداخل ، ومنه أيضاً : " القُرَادُ " هذا الحيوان المعروف ويقال : " خسأته فخَسَاً ، فالمتعدي والقاصر سواء نحو : زاد وغاض وقيل : خسأته فخسئ وانخسأ ، والمصدر " الخسوء " و " الْخَسْء " .
وقال الكسائي : " خسأت الرجل خسأ ، وخسأ هو خسوءاً " ، ففرق بين المصدرين .
والخسوء : الذّلة والصَّغار والطرد والبعد ، ومنه : خسأت الكلب قال مجاهد وقتادة والربيع : وهي لغة " كنانة " .
وقال أبو روق : يعني خرساً لقوله تعالى : { اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ }
[ المؤمنون : 108 ] والمراد من هذا الأمر سرعة التكوين لا نفس الأمر . روي عن مجاهد رضي الله عنه أن الله تعالى مسخ قلوبهم يعني : بالطَّبع والخَتْم ، إلا أنه مَسَخَ صورهم لقوله : { كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً }
[ الجمعة : 5 ] وهذا مَجَاز ظاهر [ مشهور ] .
فصل في المقصود من ذكر هذه القصة
والمقصود من ذكر هذه القصّة أمران :
الأول : إظهار معجزة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كالخطاب لليهود الذي كانوا في زمانه ، فلما أخبرهم عليه الصَّلاة والسَّلام عن هذه الواقعة مع أنه كان أمياً لم يقرأ ولم يكتب ، ولم يخالط القوم دلّ ذلك على أنه إنما عرفه بالوحي .
والثاني : أنه تعالى لما أخبرهم بما عاجل به أصحاب السّبت ، فكأنه يقول لهم : لا تتمردوا ولا تغتروا بالإمهال ، فينزل بكم ما نزل بهم ، ونظيره قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } [ النساء : 47 ] الآية .
فإن قيل : إنهم بعد أن صاروا قردةً لا يبقى لهم فَهْم ، ولا عَقْل ، ولا علم ، فلا يعلمون ما نزل بهم من العذاب ، ووجود القرديّة غير مؤلم .
فالجواب : لم لا يجوز أن يقال : إنّ الذي كان إنساناً عاقلاً فاهماً كان ثابتاً لم يتغير ، وإنما تغيرت الصورة فلم يقدر على النّطق والأفعال الإنسانية ، لكنها كانت تعرف ما نالها من تغير الخِلْقة بسبب المعصية ، فكانت في نهاية الخوف والخَجَل ، وربما كانت متألمة بسبب تغير تلك الأعضاء ؟ .
فإن قيل : أولئك القردة بقوا أو هلكوا ، فإن بقوا فالقردة الموجودون في زماننا هل يجوز أن يكونوا من نَسْلِهِمْ أم لا ؟
فالجواب : الكل جائز ، إلاّ أن الرواية عن ابن عباس أنهم مكثوا ثلاثة أيام ، ثم هلكوا ولم يأكلوا ولم يشربوا ، ولم ينسلوا .
قال ابن عطية : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن المَمْسوخ لا يَنْسِلُ ، ولا يَأْكل ، ولا يَشْرَب ، ولا يَعِيْش أكثر من ثَلاَثَة أيام " قاله القُرْطبي . وهذا هو الصحيح .
واحتج ابن العَرَبيّ وغيره على أن المَمْسُوخَ يَعيش ، ويَنسل ، لقوله عليه الصلاة والسلام : " إنّ أمة من بَنِي إِسْرَائِيْلَ لا يُدْرى ما فعلت ولا أراها إلا الفَأْر ألا ترونها إذا وضع لها أَلْبَان الإِبِلِ لم تَشْرَبْهُ وإذا وضع لها أَلْبَان الشَّاة تشربها " .
ويقول جابر رضي الله عنه : " أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِضَبٍّ فأَبى أن يأكل منه وقال : " لا أَدْري لعلّه من القُرُون التي مُسِحَتْ{[1376]} " .
وروى البخاري عن عمر بن ميمن أنه قال : " رأيت في الجاهلية قردةً قد زَنَتْ فرجموها فرجمتها معهم{[1377]} " .
قال ابن العربي : فإن قيل : كيف تعرف البَهَائم الشرائع حتى ورثوها خَلْفاً عن خَلْفٍ إلى زمان عمر ؟
قلنا : نعم ! كان ذلك ؛ لأن اليهود غَيَّرُوا الرَّجم ، فأراد الله أن يقيمه في مسوخهم حتى يكون أبلغ في قيام الحُجَّة على ما أنكروا وغيّروه ، حتى تشهد عليهم كتبهم ، وأَخْبارهم ، ومسوخهم ، حتى يعلموا أنّ الله يعلم ما يُسِرُّون وما يعلنون .
قال القرطبي : ولا حُجّة في شيء من ذلك ، أما حديث الفأر والضَّبّ فكان هذا حَدْساً منه صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه أنّ الممسوخ لا يعيش ولا يَنْسل .
وأما حديث القردة ففي بعض الروايات لم يذكروا فيها أنها زنت إنما ذكر الرَّجم فقط ، وإنما أخرجه البخاري دلالة على أن [ عمر بن ميمون أدرك الجاهلية ، ولم يُبَالِ بظنه الذي ظنه في الجاهلية ، وذكر ابن عبد البر أن ] عمرو بن ميمون من كبار التابعين من الكوفيين ، هو الذي رأى الرجم في الجاهلية من القردة .