وقوله : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ( {[2402]} ) فِي السَّبْتِ )[ 64 ] .
قال ابن عباس : " لم يبعث الله قط نبياً إلا عرفه فضل الجمعة وعظمها في السموات وأن الساعة/ تقوم فيها ، وتشريف الملائكة لها . وبلغت الرسل أممها ذلك ، فسمع( {[2403]} ) أكثرهم وأطاع وعرف فضلها . فلما كان موسى أخبر بني إسرائيل بفضلها على الأيام فقالوا : يا موسى ، كيف تأمرنا( {[2404]} ) بالجمعة وتفضلها على الأيام ، والسبت أفضل لأن كل شيسء سبت لله مطيعاً يوم السبت ، وخلق الله السموات والأرض في ستة أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة( {[2405]} ) . ويوم السبت كمل الأمر ؟ وقالت النصارى لعيسى صلى الله عليه وسلم إذ أمرهم بالجمعة وأخبرهم بفضلها : كيف تأمرنا بالجمعة وأول الأيام أفضلها وسيدها ، والله واحد ، والواحد الأول ، والأحد أول ؟ فأوحى الله عز وجل إلى عيسى صلى الله عليه وسلم أن دَعْهُم والأحد ، ولكن ليفعلوا فيه كذا وكذا فلم يفعلوا . وقال لموسى صلى الله عليه وسلم كذلك في السبت . وأمرهم أن لا يصيدوا فيه سمكاً( {[2406]} ) ولا غيره ، ولا يعملوا فيه عملاً . فكان يوم السبت تظهر فيه الحيتان على وجه الماء فهو قوله : ( إِذْ تَاتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَاتِيهِمْ )( {[2407]} ) ثم إنهم تناولوها( {[2408]} ) في السبت فلم ينكر بعضهم على بعض ، ثم كفوا( {[2409]} ) فلما رأوا العقوبة لا تنزل بهم عادوا( {[2410]} ) وأخذوا . وكان موسى( {[2411]} ) قد حذرهم العقوبة إن تعدوا( {[2412]} ) في السبت ، فلما رأوا لا( {[2413]} ) تنزل عليهم عقوبة ظنوا ما قال لهم موسى صلى الله عليه وسلم باطلاً ، فمسخوا قردة وحيوا ثلاثة أيام وماتوا " ( {[2414]} ) .
قال ابن عباس : " لم يعش مسخ قط أكثر من ثلاثة أيام ولا يأكل ولا يشرب ولا ينسل . وكان الله تعالى قد خلق القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة [ الأيام التي ذكر ، فمسخ أولئك في صور ] ( {[2415]} ) القردة " ( {[2416]} ) .
قال الحسن : " كانت الحيتان تأتيهم يوم السبت/ فتبطح( {[2417]} ) بأفنيتهم كأنها المخاض ثم تذهب( {[2418]} ) فلا ترى " .
قال ابن عباس : " لما طال عليهم أمر الحيتان وإتيانها يوم السبت ولا تأتي في غيره ، عمد رجل منهم فأخذ حوتاً يوم السبت فحزمه بخيط وأرسله في الماء وتَّدَ له( {[2419]} ) وتداً في الساحل فأوثقه ، حتى إذا كان الغد أخذه فأكله ، فلما كان السبت الآخر فعل مثل ذلك ، فوجد الناس ريح الحيتان ، ثم علموا بما فعل( {[2420]} ) ذلك الرجل ففعلوا مثل( {[2421]} ) ما [ فعل وأكلوا زمناً طويلاً ، ولم( {[2422]} ) ] يعجل الله عليهم بالعقوبة حتى صادوا( {[2423]} ) علانية وباعوها في الأسواق . فقالت طائفة من أهل التقوى : " ويحكم اتقوا الله " ونهوهم عما يصنعون . وقالت طائفة أخرى لم يصنعوا مثل ما صنع أولئك : / ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً )( {[2424]} ) ، فنجى الله الذين ينهون عن السوء ومسخ الفاعلين " ( {[2425]} ) .
واختلف في الذين/ لم يعملوا ولم ينهوا وقالوا : ( لِمَ تَعِظُونَ ) الآية .
قيل( {[2426]} ) : إنهم نجوا مع الناجين( {[2427]} ) . وقيل : مُسِخُوا مع مَن مسخ( {[2428]} ) . [ والسبت أصله ]( {[2429]} ) الراحة والهدوء . والسبت ضرب من السير . والسبت [ الحلق ؛ / يقال سَبَتَ رَأسَهُ( {[2430]} ) ] حَلَقَهُ( {[2431]} ) . والسبت القطع( {[2432]} ) . وجمعه " أَسْبُتٌ " و " سَبَتَاتٌ " بالتحريك لأنه اسم . وفي الكثير السبوت والسبات .
وقال السدي : / " كان الرجل منهم من شهوة الحوت يحفر الحفرة ويجعل( {[2433]} ) نهراً إلى البحر ، فيدخله الماء يوم السبت بالحوت ، ثم لا يقدر الحوت أن يرجع إلى البحر لقلة الماء ، فيصبح يوم [ الأحد ويأخذه ]( {[2434]} ) . فنهوهم علماؤهم عن ذلك فلم ينتهوا " ( {[2435]} ) .
وروي عن مجاهد أنه قال : " مسخت قلوبهم ولم يمسخوا قردة ، وإنما هو مثل ضربه الله( {[2436]} ) كمثل الحمار يحمل أسفاراً " ( {[2437]} ) .
وجميع أهل التفسير على خلاف ذلك لأنهم مسخوا قردة حقيقة( {[2438]} ) .
وقوله : ( فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً ) [ 64 ] .
هو أمر ، وتأويله الخبر . أي : فكوناهم قردة ، وهذا هو الأمر الذي يكون به الخلق ، فحولهم من خلقة إلى خلقة أخرى ، فهو( {[2439]} ) مثل قوله : ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ اِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون )( {[2440]} )( {[2441]} ) . ( خَاسِِئينَ ) . أي : مبعدين ، أي مطرودين( {[2442]} ) . هذا قول أهل اللغة( {[2443]} ) .
وقال مجاهد وقتادة : " خاسئين : صاغرين " ( {[2444]} ) .
وقال الربيع : " أذلة صاغرين " ( {[2445]} ) .
وروي عن ابن عباس : " خاسئاً ذليلاً " ( {[2446]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.