ثم أخبر الله تعالى عن فتنته لسليمان وامتحانه إياه لزوال ملكه ، وروي في ذلك أن سليمان عليه السلام قالت له حظية من حظاياه : إن أخي له خصومة ، فأرغب أن تقضي له بكذا وكذا بشيء غير الحق ، فقال سليمان عليه السلام : أفعل ، فعاقبه الله تعالى بأن سلط على خاتمه جنياً ، وذلك أن سليمان عليه السلام كان لا يدخل الخلاء بخاتم الملك ، توقيراً لاسم الله تعالى ، فكان يضعه عند امرأة من نسائه ، ففعل ذلك يوماً ، فألقى الله شبهه على جني اسمه صخر فيما روي عن ابن عباس . وقيل غير هذا ما اختصرناه لعدم الصحة ، فجاء إلى المرأة فدفعت إليه الخاتم فاستولى على ملك سليمان ، وبقي فيه أربعين يوماً ، وطرح خاتم سليمان في البحر ، وجعل يعبث في بني إسرائيل ، وشبه سليمان عليه حتى أنكروا أفعاله ، ومكنه الله تعالى من جميع الملك .
قال مجاهد : إلا من نساء سليمان فإنه لم يكشفهن ، وكان سليمان خلال ذلك قد خرج فاراً على وجهه منكراً ، لا ينتسب لقوم إلا ضربوه ، وأدركه جوع وفاقة فمر يوماً بامرأة تغسل حوتاً فسألها منه لجوعه ، وقيل بل اشتراه فأعطته حوتين ، فجعل يفتح أجوافها ، وإذا خاتمه في جوف أحدهما ، فعاد إليه ملكه ، وتسخرت له الجن والريح من ذلك اليوم بدعوته ، وفي صخر الجني . فأمر سليمان به فسيق وأطبق عليه في حجارة ، وسجنه في البحر إلى يوم القيامة ، فهذه هي الفتنة التي فتن سليمان عليه السلام وامتحن بها .
واختلف الناس في الجسد الذي ألقي على كرسيه ، فقال الجمهور : هو الجني المذكور ، سماه { جسداً } لأنه كان قد تمثل في جسد سليمان ولبس به . قال القاضي أبو محمد : وهذا أصح الأقوال وأبينها معنى . وقالت فرقة : بل ألقي على كرسيه جسد ابن له ميت . وقالت فرقة : بل شق الولد الذي ولد له حين أقسم ليطوفن على نسائه ولم يستثن في قسمه . وقال قوم : مرض سليمان مرضاً كالإغماء حتى صار على كرسيه كأنه بلا روح ، وهذا كله غير متصل بمعنى هذه الآية و { أناب } معناه ارعوى وانثنى وأجاب إلى طاعة ربه ، ومعنى هذا من تلك الحوبة التي وقعت الفتنة بسببها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.