تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{وَلَقَدۡ فَتَنَّا سُلَيۡمَٰنَ وَأَلۡقَيۡنَا عَلَىٰ كُرۡسِيِّهِۦ جَسَدٗا ثُمَّ أَنَابَ} (34)

{ ولقد فتنا سليمان } أي : ابتلينا { وألقينا على كرسيه جسدا } يعني : الشيطان الذي خلفه في ملكه ؛ تلك الأربعين ليلة ، قال بعضهم : كان اسمه صخرا . قال سليمان عليه السلام- قال للشيطان الذي خلفه- : كيف تفتنون الناس ؟ قال : أرني خاتمك أخبرك فلما أعطاه إياه شده في البحر ، فساح سليمان ، قال الكلبي : كانت له امرأة من أكرم نسائه عليه وأحبهن إليه فقالت : إن بين أبي وبين رجل خصومة فزينت حجة أبيها فلما جاءا يختصمان إليه جعل يحب أن تكون الحجة لختنه ، فابتلاه الله بما كان من أمر الشيطان الذي خلفه وأذهب ملك سليمان ، وذلك أنه كان إذا أراد أن يدخل الخلاء دفع الخاتم إلى امرأة من نسائه كان يثق بها فدفعه إليها يوما ثم دخل الخلاء ، فجاءها ذلك الشيطان في صورته فأخذ الخاتم منها ، فلما خرج سليمان طلب الخاتم منها فقالت : قد أعطيتكه ، وذهب الخبيث وجلس على كرسي سليمان وألقي عليه شبه سليمان وبهجته وهيئته ، فخرج سليمان فإذا هو بالشيطان على كرسيه ، فذهب في الأرض وذهب ملكه .

قال يحيى : في تفسير الحسن : إن الشيطان قعد على كرسي سليمان -وهو سرير ملكه- لا يأكل ولا يشرب ولا يأمر ولا ينهى وأذهب الله ذلك من أذهان الناس ؛ فلا يرون إلا أن سليمان في مكانه يصلي بهم ويقضي بينهم .

قال يحيى : وفي تفسير مجاهد : أن الشيطان منع نساء سليمان أن يقربهن .

قال الكلبي : فلما انقضت أيام الشيطان ونزلت الرحمة من الله لسليمان عمد الشيطان إلى الخاتم ؛ فألقاه في البحر فأخذه حوت ، وكان سليمان يؤاجر نفسه من أصحاب السفن ينقل السمك من السفن إلى البر على سمكتين كل يوم فأخذ في أجره يوما سمكتين فباع إحداهما برغيفين ، وأما الأخرى فشق بطنها وجعل يغسلها ؛ فإذا هو بالخاتم فأخذه فعرفه الناس ، واستبشروا به وأخبرهم أنه إنما فعله به الشيطان ، فاستغفر سليمان ربه .