{ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي ْ } أي : وإني خفت من يتولى على بني إسرائيل من بعد موتي ، أن لا يقوموا بدينك حق القيام ، ولا يدعوا عبادك إليك ، وظاهر هذا ، أنه لم ير فيهم أحدا فيه لياقة للإمامة في الدين ، وهذا فيه شفقة زكريا عليه السلام ونصحه ، وأن طلبه للولد ، ليس كطلب غيره ، قصده مجرد المصلحة الدنيوية ، وإنما قصده مصلحة الدين ، والخوف من ضياعه ، ورأى غيره غير صالح لذلك ، وكان بيته من البيوت المشهورة في الدين ، ومعدن الرسالة ، ومظنة للخير ، فدعا الله أن يرزقه ولدا ، يقوم بالدين من بعده ، واشتكى أن امرأته عاقر ، أي ليست تلد أصلا ، وأنه قد بلغ من الكبر عتيا ، أي : عمرا يندر معه وجود الشهوة والولد . { فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ْ } وهذه الولاية ، ولاية الدين ، وميراث النبوة والعلم والعمل ،
{ وإني خفت الموالي } يعني بني عمه وكانوا أشرار بني إسرائيل ، فخاف أن لا يحسنوا خلافته على أمته ويبدلوا عليهم دينهم . { من ورائي } بعد موتي ، وعن ابن كثير بالمد والقصر بفتح الياء وهو يتعلق بمحذوف ، أو بمعنى الموالي أي خفت فعل الموالي من ورائي ، أو الذين يلون الأمر من ورائي . وقرئ " خفت الموالي من ورائي " أي قلوا وعجزوا عن إقامة الدين بعدي ، أو خفوا ودرجوا قدامي ، فعلى هذا كان الظرف متعلقا ب { خفت } { وكانت امرأتي عاقرا } لا تلد { فهب لي من لدنك } فإن مثله لا يرجى إلا من فضلك وكمال قدرتك ، فإني وامرأتي لا نصلح للولادة { وليا } من صلبي .
جملة { وإني خفت الموالي من ورائي } عطف على جملة { واشتعل الرأس شيباً ، } أي قاربت الوفاة وخفت الموالي من بعدي . وما روي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وأبي صالح عن النبيء صلى الله عليه وسلم مرسلاً أنه قال : " يرحم الله زكرياء ما كان عليه من وراثة ماله " فلعلّه خشي سوء معرفتهم بما يخلّفه من الآثار الدينية والعلمية . وتلك أعلاق يعزّ على المؤمن تلاشيها ، ولذلك قال : { يرثني ويرث من آل يعقوب } فإن نُفوس الأنبياء لا تطمح إلا لمعالي الأمور ومصالح الدين وما سوى ذلك فهو تبع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.