تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِنِّي خِفۡتُ ٱلۡمَوَٰلِيَ مِن وَرَآءِي وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِي عَاقِرٗا فَهَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا} (5)

الآية 5 : وقوله تعالى : { وإني خفت الموالي من ورائي } قال الحسن : خاف مواليه أن يرثوا ماله . فأما علمه ونبوته فمما يورث . قال أبو بكر الأصم : هذا لا يصح ؛ لا يحتمل أن يخاف زكريا وراثة ( مواليه ماله ) {[11906]} فيسأل ربه لذلك الولد ليرث ماله . ولكن كأنه خاف أن يضيع مواليه ودينه وسنته من بعده ، فسأل ربه أن يهب له الولد ليقوم مقامه في حفظ دينه وسنته . وقال : لا يحتمل وراثة المال لما روي من الخبر : ( إنا معاشر الأنبياء لا نورث . ما تركنا صدقة ) ( التمهيد7/175 ) فلا يخلو هذا من أحد وجهين : إما أن كان هذا في المال له خاصة دون سائر الأنبياء ، وإما ألم{[11907]} يكن زكريا نبيا . فدل هذا أنه لا يحتمل وراثة المال . فدل أنه على العلم : أن يضيع الموالي علمي من ورائي .

ويحتمل قوله : { وإني خفت الموالي من ورائي } وسؤاله الولد وجها آخر ، وهو أن سأل ربه الولد الرضي الطيب ليذكر هو به بعد وفاته بالأعمال والصنيع الذي كان منه في حياته ، ويدعى له لئلا ينقطع ذكره ودعاء الخلق له . وهذا هو المعروف في الخلق أنهم يذكرون ، ويدعون لهم بالخيرات التي كانت في حال حياتهم ، إذا كان له ولد صالح ، فعلى ذلك سؤال زكريا الولد ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وكانت امرأتي عاقرا } أي لا تلد .


[11906]:في الأصل و م: ماله مواليه.
[11907]:في الأصل و م: لم.