الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَإِنِّي خِفۡتُ ٱلۡمَوَٰلِيَ مِن وَرَآءِي وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِي عَاقِرٗا فَهَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا} (5)

كان مواليه - وهم عصبته إخوته وبنو عمه - شرار بني إسرائيل ، فخافهم على الدين أن يغيروه ويبدّلوه ، وأن لا يحسنوا الخلافة على أمته ، فطلب عقباً من صلبه صالحاً يقتدى به في إحياء الدين ويرتسم مراسمه فيه : { مِن وَرَائِى } بعد موتي . وقرأ ابن كثير : «من وراي » بالقصر ، وهذا الظرف لا يتعلق ب ( خفت ) لفساد المعنى ، ولكن بمحذوف . أو بمعنى الولاية في الموالي : أي خفت فعل الموالي وهو تبديلهم وسوء خلافتهم من ورائي . أو خفت الذين يلون الأمر من ورائي . وقرأ عثمان ومحمد بن علي وعلي بن الحسين رضي الله عنهم «خَفَّتِ الموالي من ورائي » وهذا على معنيين ، أحدهما : أن يكون { وَرَائِى } بمعنى خلفي وبعدي ، فيتعلق الظرف بالموالي : أي قلوا وعجزوا عن إقامة أمر الدين ، فسأل ربه تقويتهم ومظاهرتهم بوليّ يرزقه . والثاني : أن يكون بمعنى قدامي ، فيتعلق بخفت ، ويريد أنهم خفوا قدامه ودرجوا ولم يبق منهم من به تقوّ واعتضاد { مِن لَّدُنْكَ } تأكيد لكونه ولياً مرضياً ، بكونه مضافاً إلى الله تعالى وصادرا من عنده ، وإلا - فهب لي ولياً يرثني - كاف ، أو أراد اختراعاً منك بلا سبب لأني وامرأتي لا نصلح للولادة .