وَقَالُوا مبينين لموسى أنهم لا يزالون ، ولا يزولون عن باطلهم : مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ أي : قد تقرر عندنا أنك ساحر ، فمهما جئت بآية ، جزمنا أنها سحر ، فلا نؤمن لك ولا نصدق ، وهذا غاية ما يكون من العناد ، أن يبلغ بالكافرين إلى أن تستوي عندهم الحالات ، سواء نزلت عليهم الآيات أم لم تنزل .
{ وقالوا مهما } أصلها ما الشرطية ضمت إليها ما المزيدة للتأكيد ، ثم قلبت ألفها هاء استثقالا للتكرير . وقيل مركبة من مه الذي يصوت به الكاف وما الجزائية ومحلها الرفع على الابتداء أو النصب بفعل يفسره . { تأتنا به } أي أيما شيء تحضرنا تأتنا به . { من آية } بيان لمهما ، وإنما سموها آية على زعم موسى لا لاعتقاهم ولذلك قالوا : { لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين } أي لتسحر بها أعيننا وتشبه علينا ، والضمير في به وبها لمهما ذكره قبل التبيين باعتبار اللفظ وأنه بعده باعتبار المعنى .
جملة : { وقالوا } معطوفة على جملة { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين } [ الأعراف : 130 ] الآية ، فهم قابلوا المصائب التي أصابهم الله بها ليذكّروا ، بازدياد الغرور فأيسوا من التذكر بها ، وعاندوا موسى حين تحداهم بها فقالوا : مَهْما تأتنا به من أعمال سحرك العجيبة فما نحن لك بمؤمنين ، أي : فلا تتعب نفسك في السحر .
و { مهما } اسم مضمن معنى الشرط ، لأن أصله ( ما ) الموصولة أو النكرة الدالة على العموم ، فركبّت معها ( ما ) لتصييرها شرطية كما ركبت ( ما ) مع ( أي ) و ( متى ) و ( أيْنَ ) فصارت أسماء شرط ، وجعلت الألف الأولى هاء اسْتثقالاً لتكرير المتجانسين ، ولقرب الهاء من الألف فصارت مهما ، ومعناها : شيء ما ، وهي مبهمة فيؤتى بعدها بمن التبْيينية ، أي : إن تأتنا بشيء من الآيات فما نحن لك بمؤمنين .
و { مهما } في محل رفع بالابتداء ، والتقدير : أيّما شيء تأتينا به ، وخبره الشرط وجوابه ، ويجوز كونها في محل نصب لفعل محذوف يدل عليه { تأتنا به } المذكور . والتقدير : أي شيء تُحضرنا تأتينا به .
وذُكّر ضمير { به } رعياً للفظ { مهما } الذي هو في معنى أي شيء ، وأنّث ضمير { بها } رعياً لوقوعه بعد بيان { مهما } باسم مؤنث هو { آية } .
و { من آية } بيان لإبهام { مهما } .
والآية : العلامة الدالة ، وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى : { والذين كفروا وكذبوا بآياتا أولئك أصحاب النار } في سورة البقرة ( 39 ) ، وفي قوله تعالى : { وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه } في سورة الأنعام ( 37 ) .
وسموا ما جاء به موسى آية باعتبار الغرض الذي تحداهم به موسى حين الإتيان بها ، لأن موسى يأتيهم بها استدلالاً على صدق رسالته ، وهم لا يعدونها آية ولكنهم جارَوْا موسى في التسمية بقرينة قولهم { لتسحرنا بها } ، وفي ذلك استهزاء كما حكى الله عن مشركي أهل مكة وقالوا : { يأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } [ الحجر : 6 ] بقرينة قولهم : إنك لمجنون .
وجملة { فما نحن لك بمؤمنين } مفيدة المبالغة في القطع بانتفاء إيمانهم بموسى لأنهم جاءوا في كلامهم بما حوته الجملة الاسمية التي حَكَتْهُ من الدلالة على ثبوت هذا الانتفاء ودوامه . وبما تفيده الباء من توكيد النفي ، وما يفيده تقديم متعلق مؤمنين من اهتمامهم بموسى في تعليق الإيمان به المنفي باسمه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.