المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

4 - فإذا لقيتم الذين كفروا في الحرب فاضربوا رقابهم ، حتى إذا أضعفتموهم بكثرة القتل فيهم فاحكموا قيد الأساري ، فإما أن تمنوا بعد انتهاء المعركة مناً بإطلاقهم دون عوض ، وإمَّا أن تقبلوا أن يفتدوا بالمال أو بالأسرى من المسلمين . وليكن هذا شأنكم مع الكافرين ، حتى تضع الحرب أثقالها وينتهي ، فهذا حكم الله فيهم ، ولو شاء الله لانتصر منهم بغير قتال ، وليختبر المؤمنين بالكافرين شرع الجهاد ، والذين قتلوا في سبيل الله فلن يُبطل أعمالهم{[203]} ، سيهديهم ويصلح قلوبهم ، ويدخلهم الجنة عرَّفها لهم .


[203]:قصدت الرقاب بالضرب في هذه الآية الكريمة لأن ضربها أنجع وسيلة للإجهاز السريع على المضروب بغير تعذيب له ولا تمثيل به، إذ إنه من الثابت علميا أن الرقبة حلقة الاتصال بين الرأس وسائر الجسد، فإذا قطع الجهاز العصبي شلت جميع وظائف الجسم الرئيسية، وإذا قطعت الشرايين والأوردة توقف الدم عن تغذية المخ، وإذا قطعت الممرات الهوائية وقف التنفس، وفي جميع هذه الحالات تنتهي الحياة سريعا.

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

{ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } أي : عرفها أولا ، بأن شوقهم إليها ، ونعتها لهم ، وذكر لهم الأعمال الموصلة إليها ، التي من جملتها القتل في سبيله ، ووفقهم للقيام بما أمرهم به ورغبهم فيه ، ثم إذا دخلوا الجنة ، عرفهم منازلهم ، وما احتوت عليه من النعيم المقيم ، والعيش السليم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

أي : عرفهم بها وهداهم إليها .

قال مجاهد : يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم ، وحيث قسم الله لهم منها ، لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا ، لا يستدلون عليها أحدا . وروى مالك عن ابن زيد بن أسلم نحو هذا .

وقال محمد بن كعب : يعرفون بيوتهم إذا دخلوا الجنة ، كما تعرفون بيوتكم إذا انصرفتم من الجمعة .

وقال مقاتل بن حَيَّان : بلغنا أن الملك الذي كان وُكِّل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة ، ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له ، فيعرّفه كل شيء أعطاه الله في الجنة ، فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة دخل [ إلى ] {[26630]} منزله وأزواجه ، وانصرف الملك عنه ذكرهن {[26631]} ابن أبي حاتم ، رحمه الله .

وقد ورد الحديث الصحيح بذلك أيضا ، رواه البخاري من حديث قتادة ، عن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري [ رضي الله عنه ]{[26632]} ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار ، يتقاصّون مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هُذّبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ، والذي نفسي بيده ، إن أحدهم بمنزله في الجنة أهدى منه بمنزله الذي كان في الدنيا " {[26633]} .


[26630]:- (1) زيادة من ت، أ.
[26631]:- (2) في ت: "ذكر هذا".
[26632]:- (3) زيادة من ت.
[26633]:- (4) صحيح البخاري برقم (6535).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

وروى عباس بن المفضل عن أبي عمرو : «ويدخلهم » بسكون اللام . وفي سورة [ التغابن ] { يوم يجمعكم }{[10354]} [ التغابن : 9 ] وفي سورة [ الإنسان ] { إنما نطعمكم }{[10355]} [ الإنسان : 9 ] بسكون العين والميم .

وقوله تعالى : { عرفها لهم } قال أبو سعيد الخدري وقتادة معناه : بينها لهم ، أي جعلهم يعرفون منازلهم منها ، وفي نحو هذا المعنى هو قول النبي عليه السلام : «لأحدكم بمنزله في الجنة أعرف منه بمنزله في الدنيا »{[10356]} وقالت فرقة معناه : سماها لهم ورسمها ، كل منزل باسم صاحبه ، فهذا نحو من التعريف . وقالت فرقة معناه : شرفها لهم ورفعها وعلاها ، وهذا من الأعراف التي هي الجبال وما أشبهها ، ومنه أعراف الخيل . وقال مؤرج وغيره معناه : طيبها مأخوذ من العرف ، ومنه طعام معرف ، أي مطيب . وعرفت القدر : طيبتها بالملح والتوابل .


[10354]:من الآية(9) من سورة (التغابن).
[10355]:من الآية(9) من سورة (الإنسان).
[10356]:في صحيح البخاري ما يدل على صحة هذا الحديث، لكن اللفظ فيه ليس (أعرف) كما ذكر هنا، بل اللفظ فيه(أهدى)، وهو عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يخلص المؤمنون من النار، فيحبون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونُقُّوا أذن لهم في دخول الجنة، فو الذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله في الدنيا)، وقد استدل كل من القرطبي، وابن كثير على صحة هذا الرأي بهذا الحديث.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

معنى { عَرَّفها لهم } أنه وصفها لهم في الدنيا فهم يعرفونها بصفاتها ، فالجملة حال من الجنة ، أو المعنى هداهم إلى طريقها في الآخرة فلا يترددون في أنهم داخلونها ، وذلك من تعجيل الفرح بها . وقيل : { عرفها } جعل فيها عرْفاً ، أي ريحاً طيباً ، والتطييب من تمام حسن الضيافة .

وقرأ الجمهور { قاتلوا } بصيغة المفاعلة ، فهو وعد للمجاهدين أحيائهم وأمواتهم . وقرأه أبو عمرو وحفص عن عاصم { قُتِلوا } بالبناء للنائب ، فعلى هذه القراءة يكون مضمون الآية جزاء الشهداء فهدايتهم وإصلاح بالهم كائنان في الآخرة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَيُدْخِلُهُمُ الجَنّةَ عَرّفَها لَهُمْ" يقول: ويُدخلهم الله جنته "عرّفها"، يقول: عرّفها وبيّنها لهم، حتى إن الرجل ليأتي منزله منها إذا دخلها كما كان يأتي منزله في الدنيا، لا يُشْكِلُ عليه ذلك...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

... قال بعضهم: {عرّفها لهم} أي طيّبها لهم؛ يقال فلان مُعرّف أي مُطيّب، وطعام معرّف أي مطيّب، وهو قول القتبيّ.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{وَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} فيه أربعة تأويلات:

أحدها: عرفها بوصفها على ما يشوق إليها...

الثاني: عرفهم ما لهم فيها من الكرامة...

الثالث: معنى عرفها أي طيبها بأنواع الملاذ، مأخوذ من العرف وهي الرائحة الطيبة...

الرابع: عرفهم مساكنهم فيها حتى لا يسألون عنها...

.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{عرفها لهم} أي- بتعريف الأعمال الموصلة إليها والتوفيق لهم إليها في الدنيا وأيضاً بالتبصير بالمنازل في الآخرة حتى أن أحدهم يصير أعرف بمنزله فيها منه بمنزله في الدنيا، وطيب رائحتها وجعل موضعها عالياً وجدرانها عالية وهي ذات أغراف وشرف، وفي هذه الآية بشرى عظيمة لمن جاهد ساعة ما بأن الله يميته على الإسلام المستلزم لئلا يضيع له عمل...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فهذا تعريف الله الجنة للشهداء في سبيله. وهذه هي نهاية الهداية الممتدة، وإصلاح البال المستأنف بعد مغادرتهم لهذه الأرض. ونماء حياتهم وهداهم وصلاحهم هناك عند الله...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

معنى {عَرَّفها لهم} أنه وصفها لهم في الدنيا فهم يعرفونها بصفاتها، فالجملة حال من الجنة، أو المعنى هداهم إلى طريقها في الآخرة فلا يترددون في أنهم داخلونها، وذلك من تعجيل الفرح بها. وقيل: {عرفها} جعل فيها عرْفاً، أي ريحاً طيباً، والتطييب من تمام حسن الضيافة.