وذلك لأن الشرك باللّه محبط للأعمال ، مفسد للأحوال ، ولهذا قال : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ } من جميع الأنبياء . { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } هذا مفرد مضاف ، يعم كل عمل ، . ففي نبوة جميع الأنبياء ، أن الشرك محبط لجميع الأعمال ، كما قال تعالى في سورة الأنعام - لما عدد كثيرا من أنبيائه ورسله قال عنهم : { ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
{ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } دينك وآخرتك ، فبالشرك تحبط الأعمال ، ويستحق العقاب والنكال .
وقوله : { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ } ذكروا في سبب نزولها ما رواه ابن أبي حاتم وغيره ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما أنه قال ]{[25250]} : إن المشركين بجهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم ، ويعبدوا معه إلهه ، فنزلت : { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
وهذه كقوله : { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ الأنعام : 88 ] .
{ ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك } أي من الرسل . { لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } كلام على سبيل الفرض والمراد به تهييج الرسل وإقناط الكفرة والإشعار على حكم الأمة ، وإفراد الخطاب باعتبار كل واحد واللام الأولى موطئة للقسم والأخريان للجواب ، وإطلاق الإحباط يحتمل أن يكون من خصائصهم لأن شركهم أقبح ، وأن يكون على التقييد بالموت كما صرح به في قوله { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم } وعطف الخسران عليه من عطف المسبب على السبب .
وقوله تعالى : { ولقد أوحي إليك } الآية ، قالت فرقة : في الآية تقديم وتأخير كأنه قال : «لقد أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك وإلى الذين من قبلك » ، وقالت فرقة : الآية على وجهها ، المعنى : «ولقد أوحي إلى كل نبي لئن أشركت ليحبطن عملك » . وحبط : معناه : بطل وسقط ، وبهذه الآية بطلت أعمال المرتد من صلاته وحجه وغير ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.