{ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ } الاستفهام للإنكار التوبيخي ، والفاء للعطف على مقدر كنظائره ، والأصل أفتأمروني ؟ أي بعد مشاهدة الآيات الدالة على انفراده وتوحيده أن أعبد غير الله ، قاله الكسائي وغيره ، وقيل : أفتلزموني عبادة غير الله ؟ أو أعبد غير الله ؟ أمره الله سبحانه أن يقول هذا للكفار لمّا دعوه إلى ما هم عليه من عبادة الأصنام وقالوا : هو دين آبائك .
وعن ابن عباس أن قريشا دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة ، ويزوجوه ما أراد من النساء ، ويطأون عقبه فقالوا له : هذا لك يا محمد وتكف عن شتم آلهتنا ، ولا تذكرها بسوء ، قال : حتى أنظر ما يأتيني من ربي ، فجاء الوحي : { قل يا أيها الكافرون } إلى آخر السورة ، وأنزل الله عليه { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي } إلى قوله : { مِنَ الْخَاسِرِينَ } {[1450]} .
{ وَلَقَدْ } هذه اللام دالة على قسم مقدر أي والله لقد { أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ } من الرسل { لَئِنْ } جواب القسم وهذه اللام أيضا دالة على قسم مقدر أي والله لئن { أَشْرَكْتَ } يا محمد فرضا { لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } وكل من هاتين اللامين واقعة في جواب القسم الثاني ، والثاني وجوابه جواب الأول ، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ، وهذا الكلام من باب التعريض لغير الرسل ، لأن الله سبحانه قد عصمهم عن الشرك ، ووجه إيراده على هذا الوجه التحذير والإنذار للعباد من الشرك ، لأنه إذا كان موجبا لإحباط عمل الأنبياء على الفرض والتقدير ، فهو محبط لعمل غيرهم من أممهم بطريق الأولى .
قيل وفي الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير ولقد أوحي إليك لئن أشركت الخ وأوحى إلى الذين من قبلك كذلك ، قال مقاتل أي أوحي إليك وإلى الأنبياء قبلك بالتوحيد ، والتوحيد محذوف ، ثم قال : لئن أشركت يا محمد ليحبطن عملك ، وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة .
وقيل إفراد الخطاب في لئن أشركت ، باعتبار كل واحد من الأنبياء كأنه قيل أوحي إليك وإلى كل واحد من الأنبياء هذا الكلام ، لئن أشركت ، وهذه الآية مقيدة بالموت على الشرك كما في الآية الأخرى .
{ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } وقيل هذا خاص بالأنبياء لأن الشرك منهم أعظم ذنبا من الشرك من غيرهم والأول أولى ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.