ولما كان الإشراك مستحيلاً على من عصمه الله ، وجب تأويل قوله : { لئن أشركت } أيها السامع ، ومضى الخطاب على هذا التأويل .
ويدل على هذا التأويل أنه ليس براجع الخطاب للرسول ، إفراداً لخطاب في { لئن أشركت } ، إذ لو كان هو المخاطب ، لكان التركيب : لئن أشركتما ، فيشمل ضمير هو ضمير الذين من قبله ، ويغلب الخطاب .
وقال الزمخشري : فإن قلت : المومى إليهم جماعة ، فكيف قال : { لئن أشركت } على التوحيد ؟ قلت معناه : لئن أوحى إليك ، { لئن أشركت ليحبطن عملك } ، وإلى الذين من قبلك مثله ، وأوحى إليك وإلى كل واحد منهم { لئن أشركت } ، كما تقول : كسانا حلة ، أي كل واحد منا .
فإن قلت : كيف يصح هذا الكلام مع علم الله تعالى أن رسله لا يشركون ولا يحبط أعمالهم ؟ قلت : هو على سبيل الفرض والمحالات يصح فرضها ثم ذكر كلاماً يوقف عليه في كتابه .
ويستدل بهذه الآية على حبوط عمل المرتد من صلاة وغيرها .
وأوحى : مبني للمفعول ، ويظهر أن الوحي هو هذه الجمل : من قوله : { لئن أشركت } إلى { من الخاسرين } وهذا لا يجوز على مذهب البصريين ، لأن الجمل لا تكون فاعلة ، فلا تقوم مقام الفاعل .
وقال مقاتل : أوحى إليك بالتوحيد ، والتوحيد محذوف .
ثم قال : { لئن أشركت ليحبطن عملك } ، والخطاب للنبي عليه السلام خاصة . انتهى .
فيكون الذي أقيم مقام الفاعل هو الجار والمجرور ، وهو إليك ، وبالتوحيد فضلة يجوز حذفها لدلالة ما قبلها عليها .
وقرأ الجمهور : { ليحبطن } مبنياً للفاعل ، { عملك } : رفع به .
وقرىء : ليحبطن بالياء ، من أحبط عمله بالنصب ، أي ليحبطن الله عملك ، أو الإشراك عملك .
وقرىء بالنون أي : لنحبطن عملك بالنصب ، والجلالة منصوبة بقوله : فاعبد على حدّ قولهم : زيد فاضرب ، وله تقرير في النحو وكيف دخلت هذه الفاء .
وقال الفراء : إن شئت نصبه بفعل مضمر قبله ، كأنه يقدر : اعبد الله فاعبده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.