إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (65)

{ وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ } أي من الرُّسلِ عليهم السَّلامُ { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين } كلامٌ واردٌ على طريقةِ الفرضِ لتهييجِ الرُّسلِ وإقناط الكفرةِ والإيذانِ بغايةِ شناعةِ الإشراكِ وقُبحهِ وكونِه بحيثُ ينهى عنه من لا يكادُ يمكن أنْ يباشرَه فكيف بمن عداهُ . وإفرادُ الخطاب باعتبار كلِّ واحدٍ واللامُ الأولى مُوطِّئة للقسمِ والأخريانِ للجوابِ وإطلاق الاحباطِ يحتملُ أنْ يكون من خصائصِهم عند الإشراكِ منهم لأنَّ الإشراكَ منهم أشدُّ وأقبحُ وأن يكون مقيداً بالموتِ كما صَّرح به في قوله تعالى : { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلئِكَ حَبِطَتْ أعمالهم } [ سورة البقرة ، الآية217 ] وعطفُ الخسران عليه من عطفِ المسبَّبِ على السَّببِ .