المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (122)

122- حين خطر لطائفتين من المؤمنين - وهما بنو مسلمة وبنو حارثة - أن تفشلا وترجعا ، فعصمهم الله ، فثبتوا ومضوا للقتال لأنه متولي أمرهما بالعصمة والتوفيق ، فليأخذ المؤمنون من هذا عبرة ، وليتوكلوا عليه لينصرهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (122)

ومن لطفه بهم وإحسانه إليهم أنه ، لما { همت طائفتان } من المؤمنين بالفشل وهم بنو سلمة وبنو حارثة كما تقدم ثبتهما الله تعالى نعمة عليهما وعلى سائر المؤمنين ، فلهذا قال { والله وليهما } أي : بولايته الخاصة ، التي هي لطفه بأوليائه ، وتوفيقهم لما فيه صلاحهم وعصمتهم عما فيه مضرتهم ، فمن توليه لهما أنهما لما هما بهذه المعصية العظيمة وهي الفشل والفرار عن رسول الله عصمهما ، لما معهما من الإيمان كما قال تعالى : { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور } ثم قال { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ففيها الأمر بالتوكل الذي هو اعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار ، مع الثقة بالله ، وأنه بحسب إيمان العبد يكون توكله ، وأن المؤمنين أولى بالتوكل على الله من غيرهم ، وخصوصا في مواطن الشدة والقتال ، فإنهم مضطرون إلى التوكل والاستعانة بربهم والاستنصار له ، والتبري من حولهم وقوتهم ، والاعتماد على حول الله وقوته ، فبذلك ينصرهم ويدفع عنهم البلايا والمحن .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (122)

وقوله : { إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا [ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ] {[5623]} } قال البخاري : حدثنا عليّ بنُ عبد الله ، حدثنا سفيان قال : قال عَمْرو : سمعت جابر بن عبد الله يقول : فينا نزلت : { إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا [ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ] {[5624]} } قال : نحن الطائفتان بنو حارثَة وبنو سَلَمة ، وما نحِب - وقال سفيان مرة : وما يسرنِي - أنَّها لم تَنزلْ ، لقول{[5625]} الله تعالى : { وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا } .

وكذا رواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة{[5626]} به . وكذا قال غيرُ واحد من السَّلَف : إنهم بنو حارثة وبنو سلمةَ .


[5623]:زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
[5624]:زيادة من جـ، وفي ر: "والله وليهما"، وفي هـ: "الآية".
[5625]:في أ: "يقول".
[5626]:صحيح البخاري برقم (4051، 4558) وصحيح مسلم برقم (2505).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (122)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ إِذْ هَمّتْ طّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللّهُ وَلِيّهُمَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكّلِ الْمُؤْمِنُونَ }

يعني بذلك جلّ ثناؤه : والله سميع عليم حين همّت طائفتان منكم أن تفشلا . والطائفتان اللتان همتا بالفشل ذكر لنا أنهم بنو سَلِمة وبنو حارثة . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلا } قال : بَنو حارثة كانوا نحو أحد ، وبنو سلمة نحو سلع ، وذلك يوم الخندق .

قال أبو جعفر : وقد دللنا على أن ذلك كان يوم أحد فيما مضى بما فيه الكفاية عن إعادته .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا } . . . الاَية ، وذلك يوم أحد ، والطائفتان : بنو سلمة ، وبنو حارثة ، حيان من الأنصار ، همّوا بأمر ، فعصمهم الله من ذلك . قال قتادة : وقد ذكر لنا أنه لما أنزلت هذه الاَية قالوا : ما يسرّنا أنا لم نهم بالذي هممنا به ، وقد أخبرنا الله أنه ولينا .

حُدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قوله : { إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ } . . . الاَية ، وذلك يوم أحد ، فالطائفتان : بنو سلمة ، وبنو حارثة ، حيان من الأنصار ، فذكر مثل قول قتادة .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد في ألف رجل ، وقد وعدهم الفتح إن صبروا¹ فلما رجع عبد الله بن أبيّ ابن سلول في ثلثمائة ، فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم ، فلما غلبوه وقالوا له : ما نعمل قتالاً ، ولئن أطعتنا لترجعنّ معنا ، وقال : { إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلا } وهم بنو سلمة ، وبنو حارثة ، هموا بالرجوع حين رجع عبد الله بن أبيّ ، فعصمهم الله ، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال عكرة : نزلت في بني سلمة من الخزرج ، وبنى حارثة من الأوس ، ورأسهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : { إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلا } فهو بنو حارثة وبنو سلمة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشلا } والطائفتان : بنو سلمة من جشم بن الخزرج ، وبنو حارثة بن النبيت من الأوس ، وهما الجناحان .

حدثني محمد بن سنان ، قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، عن عباد ، عن الحسن في قوله : { إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلا } . . . الاَية ، قال : هما طائفتان من الأنصار همّا أن يفشلا ، فعصمهم الله ، وهزم عدوّهم .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : { إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ منكم أنْ تَفْشلاَ } قال : هم بنو سلمة ، وبنو حارثة وما نحبّ أن لو لم تكن همتا لقول الله عزّ وجلّ : { وَاللّهُ وَلِيّهُما } .

حدثني أحمد بن حازم ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول ، فذكر نحوه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : { إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشلا } قال : هذا يوم أحد .

وأما قوله { أنْ تَفْشَلا } فإنه يعني : همّا أن يضعفا ويجبنا عن لقاء عدوّهما ، يقال منه : فشل فلان عن لقاء عدوّه يفشل فشلاً . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : الفشل : الجبن .

وكان همهما الذي همّا به من الفشل : الانصراف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين حين انصرف عنهم عبد الله بن أبيّ بن سلول ابن معه ، جبنا منهم ، من غير شكّ منهم في الإسلام ولا نفاق¹ فعصمهم الله مما هموا به من ذلك ، ومضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجهه الذي مضى له ، وتركوا عبد الله بن أبيّ ابن سلول والمنافقين معه ، فأثنى الله عزّ وجلّ عليهما بثبوتهما على الحقّ ، وأخبر أنه وليهما وناصرهما على أعدائهما من الكفار . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { وَاللّهُ وَلِيّهُما } : أي الدافع عنهما ما هما به من فشلهما ، وذلك أنه إنما كان ذلك منهما عن ضعف ووهن أصابهما من غير شكّ أصابهما في دينهما ، فتولى دفع ذلك عنهما برحمته وعائدته ، حتى سلمتا من وهنهما وضعفهما ، ولحقتا بنبيهما صلى الله عليه وسلم¹ يقول : { وَعَلى اللّهِ فَلْيَتَوَكّلِ المُؤْمِنُونَ } أي من كان به ضعف من المؤمنين أو وهن فليتوكل عليّ ، وليستعن بي ، أعنه على أمره ، وأدفع عنه ، حتى أبلغ به وأقوّيه على نيته .

وذكر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ : «وَاللّهُ وَلِيّهُمْ » . وإنما جاز أن يقرأ ذلك كذلك ، لأن الطائفتين وإن كانتا في لفظ اثنين ، فإنهما في معنى جماع بمنزلة الخصمين والحزبين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (122)

{ إذ همت } متعلق بقوله : { سميع عليم } أو بدل من إذ غدوت . { طائفتان منكم } بنو سلمة من الخزرج ، وبنو حارثة من الأوس وكانا جناحي العسكر . { أن تفشلا } أن تجبنا وتضعفا . روي ( أنه عليه الصلاة والسلام خرج في زهاء ألف رجل ووعد لهم النصر إن صبروا ، فلما بلغوا الشوط انخذل ابن أبي في ثلاثمائة رجل وقال : علام نقتل أنفسنا وأولادنا ، فتبعهم عمرو بن حزم الأنصاري وقال : أنشدكم الله والإسلام في نبيكم وأنفسكم . فقال ابن أبي لو نعلم قتالا لاتبعناكم ، فهم الحيان باتباعه فعصمهم الله فمضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . والظاهر أنها ما كانت عزيمة لقوله تعالى : { والله وليهما } أي عاصمهما من اتباع تلك الخطرة ، ويجوز أن يراد الله ناصرهما فما لهما يفشلان ولا يتوكلان على الله . { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } أي فليتوكلوا عليه ولا يتوكلوا على غيره لينصرهم كما نصرهم ببدر .