غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (122)

121

{ إذ همت طائفتان منكم } هما حيان من الأنصار : بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس ، وهما الجناحان . { أن تفشلا } والفشل الجبن والخور . والظاهر أنها ما كانت عزيمة ممضاة ولكنها كانت حديث نفس وقلما تخلو النفس عند الشدة من بعض الهلع . فإن ساعدها صاحبها ذم وإن ردها إلى الثبات والصبر فلا بأس بما فعل . وعن معاوية أنه قال : عليكم بحفظ الشعر فقد كدت أضع رجلي في الركاب يوم صفين فما ثبتني إلاّ قوم عمرو بن الأطنابة :

أقول لها إذا جشأت وجاشت *** مكانك تحمدي أو تستريحي

ومما يدل على أن ذلك الهمّ لم يفض إلى حد العصيان قوله تعالى : { والله وليهما } ولو كانت عزيمة لما ثبت معها الولاية . ويجوز أن يراد والله ناصرهما ومتولي أمرهما فما لهما يفشلان ولا يتوكلان على الله { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } والتوكل " تفعل " من وكل أمره إلى فلان إذا اعتمد في كفايته عليه ولم يتوله بنفسه . وفيه إشارة إلى أن الإنسان يجب أن يدفع ما يعرض له من مكروه وآفة بالتوكل على الله ، وأن يصرف الجزع عن نفسه بذلك . عن جابر : فينا نزلت { إذ همت طائفتان } نحن الطائفتان : بنو حارثة وبنو سلمة .

وما يسرني أنها لم تنزل لقول الله { والله وليهما } أخرجاه في الصحيحين . ومع ذلك قال بعض العلماء : إن الله أبهم ذكرهما وستر عليهما ولا يجوز لنا أن نهتك ذلك الستر .

/خ129