السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (122)

{ إذ } بدل من إذ قبله { همت طائفتان منكم } بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس وهما جناحا العسكر { أن تفشلا } أي : تجبنا عن القتال وترجعا .

روي ( أنه صلى الله عليه وسلم خرج في زهاء ألف رجل ووعدهم النصر إن صبروا وكان المشركون ثلاثة آلاف فلما بلغوا عند جبل أحد بالمدينة انعزل ابن أبيّ المنافق في ثلاثمائة وقال : علام نقتل أنفسنا وأولادنا ؟ فتبعهم عمرو بن حزم الأنصاري وقال : أنشدكم الله في نبيكم وأنفسكم فقال ابن أبيّ : لو نعلم قتالاً لاتبعناكم فهمّ الحيان باتباعه فثبتهم الله ومضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال الزمخشريّ : إنها ما كانت إلا همة وحديث نفس وكما لا تخلو النفس عند الشدّة من بعض الهلع ثم يردّها صاحبها إلى الثبات والصبر ويوطنها على احتمال المكروه كما قال عمرو بن الإطنابة :

أقول لها إذا جشأت وجاشت *** مكانك تحمدي أو تستريحي

{ والله وليهما } أي : ناصرهما فما لهما تفشلان { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } أي : ليثقوا به دون غيره فينصرهم كما نصرهم ببدر ، ونزل لما هزموا من أحد تذكرة لهم بنعمة الله تعالى .