فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (122)

إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون 122 ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون123 إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم ان يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين124

( إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ) أي تجبنا وتضعفا عن القتال ، والطائفتان بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس ، وكانا جناحي العسكر يوم أحد ، والفشل الجبن ، وقيل هو في الرأي العجز وفي البدن الإعياء وعدم النهوض ، وفي الحرب الجبن والخور ، والفعل منه بكسر العين من باب تعب ، وتفاشل الماء إذا سال .

والهم من الطائفتين كان بعد الخروج ، والمراد بالهم هنا حديث النفس ، والله تعالى لا يؤاخذ به ويعضده قول ابن عباس : أنهم أضمروا أن يرجعوا لما رجع عبد الله بن أبي بمن معه من المنافقين ، فحفظ الله قلوب المؤمنين فلم يرجعوا ، وذلك قوله ( والله وليهما ) أي ناصرهما وحافظهما ومتولي أمرهما بالتوفيق والعصمة .

( وعلى الله فليتوكل المؤمنين ) التوكل التفعل من وكل أمره إلى غيره إذا اعتمد عليه في كفايته والقيام به ، وقيل التوكل هو العجز والاعتماد على الغير ، وقيل هو تفويض الأمر إلى الله بحسن تدبيره ، فأمرهم الله أن لا يفوضوا أمرهم إلا إليه ، وتقديم الظرف للاختصاص ولتناسب رؤوس الآي .