والطائفتان حيان من الأنصار : بنو سلمة من الخزرج ، وبنو حارثة من الأوس ، وهما الجناحان . خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف ، وقيل : في تسعمائة وخمسين ، والمشركون في ثلاثة آلاف ووعدهم الفتح إن صبروا ، فانخزل عبد الله بن أبي بثلث الناس ، وقال : يا قوم ، علام نقتل أنفسنا وأولادنا ؟ فتبعهم عمرو بن حزم الأنصاري فقال : أنشدكم الله في نبيكم وأنفسكم ، فقال عبدالله : لو نعلم قتالا لاتبعناكم ، فهمّ الحيان باتباع عبد الله فعصمهم الله فمضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنه : أضمروا أن يرجعوا ، فعزم الله لهم على الرشد فثبتوا . والظاهر أنها ما كانت إلا همة وحديث نفس ، وكما لا تخلو النفس عند الشدة من بعض الهلع ، ثم يردها صاحبها إلى الثبات والصبر ويوطنها على احتمال المكروه ، كما قال عمرو بن الأطنابة :
أَقُولُ لَهَا إذَا جَشَأتْ وَجاشَتْ *** مَكَانَكِ تُحْمَدِي أوْ تَسْتَرِيحي
حتى قال معاوية : عليكم بحفظ الشعر ، فقد كدت أضع رجلي في الركاب يوم صفين ، فما ثبت مني إلا قول عمرو بن الأطنابة ، ولو كانت عزيمة لما ثبتت معها الولاية ، والله تعالى يقول : { والله وَلِيُّهُمَا } ويجوز أن يراد : والله ناصرهما ومتولي أمرهما ، فما لهما تفشلان ولا تتوكلان على الله فإن قلت ، فمامعنى ما روي من قول بعضهم عند نزول الآية :
" والله ما يَسُرُّنا أنا لم نهم بالذي هممنا به وقد أخبرنا الله بأنه ولينا " ؟ قلت : معنى ذلك فرط الاستبشار بما حصل لهم من الشرف بثناء الله وإنزاله فيهم آية ناطقة بصحة الولاية ، وأن تلك الهمة غير المأخوذ بها لأنها لم تكن عن عزيمة وتصميم كانت سبباً لنزولهما . والفشل : الجبن والخور . وقرأ عبد الله : «والله وليهم » كقوله { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا } [ الحجرات : 9 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.