104- يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم من هؤلاء اليهود فلا تقولوا للرسول حينما يتلوا عليكم الوحي : { راعنا } قاصدين أن يجعلكم موضع رعايته ، ويتمهل عليكم في تلاوته حتى تعوه وتحفظوه ، لأن خبثاء اليهود يتظاهرون بمحاكاتكم في ذلك ، ويلوون ألسنتهم بهذه الكلمة حتى تصير مطابقة لكلمة سباب يعرفونها ويوجهونها للرسول ليسخروا منه فيما بينهم ، ولكن استخدموا كلمة أخرى لا يجد اليهود فيها مجالا لخبثهم وسخريتهم : فقولوا : { انظرنا } وأحسنوا الإصغاء إلى ما يتلوه عليكم الرسول ، وأن الله ليدخر يوم القيامة عذاباً أليماً لهؤلاء المستهزئين بالرسول .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }
كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين : { رَاعِنَا } أي : راع أحوالنا ، فيقصدون بها معنى صحيحا ، وكان اليهود يريدون بها معنى فاسدا ، فانتهزوا الفرصة ، فصاروا يخاطبون الرسول بذلك ، ويقصدون المعنى الفاسد ، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة ، سدا لهذا الباب ، ففيه النهي عن الجائز ، إذا كان وسيلة إلى محرم ، وفيه الأدب ، واستعمال الألفاظ ، التي لا تحتمل إلا الحسن ، وعدم الفحش ، وترك الألفاظ القبيحة ، أو التي فيها نوع تشويش أو احتمال لأمر غير لائق ، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن فقال : { وَقُولُوا انْظُرْنَا } فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير محذور ، { وَاسْمَعُوا } لم يذكر المسموع ، ليعم ما أمر باستماعه ، فيدخل فيه سماع القرآن ، وسماع السنة التي هي الحكمة ، لفظا ومعنى واستجابة ، ففيه الأدب والطاعة .
( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا : راعنا . وقولوا : انظرنا ، واسمعوا ، وللكافرين عذاب أليم . ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ، والله يختص برحمته من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم . ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ؟ ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير . أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ؟ ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل . ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ، فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ، إن الله على كل شيء قدير وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ، إن الله بما تعملون بصير . .
يتجه الخطاب في مطلع هذا الدرس إلى ( الذين آمنوا )يناديهم بالصفة التي تميزهم ، والتي تربطهم بربهم ونبيهم ، والتي تستجيش في نفوسهم الاستجابة والتلبية .
وبهذه الصفة ينهاهم أن يقولوا للنبي [ ص ] : ( راعنا )- من الرعاية والنظر - وأن يقولوا بدلا منها مرادفها في اللغة العربية : ( أنظرنا ) . . ويأمرهم بالسمع بمعنى الطاعة ، ويحذرهم من مصير الكافرين وهو العذاب الأليم :
( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا : راعنا وقولوا انظرنا . واسمعوا . وللكافرين عذاب أليم ) .
وتذكر الروايات أن السبب في ذلك النهي عن كلمة( راعنا ) . . أن سفهاء اليهود كانوا يميلون ألسنتهم في نطق هذا اللفظ ، وهم يوجهونه للنبي [ ص ] حتى يؤدي معنى آخر مشتقا من الرعونة . فقد كانوا يخشون أن يشتموا النبي [ ص ] مواجهة ، فيحتالون على سبه - صلوات الله وسلامه عليه - عن هذا الطريق الملتوي ، الذي لا يسلكه إلا صغار السفهاء ! ومن ثم جاء النهي للمؤمنين عن اللفظ الذي يتخذه اليهود ذريعة ، وأمروا أن يستبدلوا به مرادفه في المعنى ، الذي لا يملك السفهاء تحريفه وإمالته . كي يفوتوا على اليهود غرضهم الصغير السفيه !
واستخدام مثل هذه الوسيلة من اليهود يشي بمدى غيظهم وحقدهم ، كما يشي بسوء الأدب ، وخسة الوسيلة ، وانحطاط السلوك . والنهي الوارد بهذه المناسبة يوحي برعاية الله لنبيه وللجماعة المسلمة ، ودفاعه - سبحانه - عن أوليائه ، بإزاء كل كيد وكل قصد شرير من أعدائهم الماكرين .
{ يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا } الرعي حفظ الغير لمصلحته ، وكان المسلمون يقولون للرسول عليه الصلاة والسلام راعنا أي راقبنا وتأن بنا فيما تلقننا حتى نفهمه ، وسمع اليهود فافترصوه وخاطبوه به مريدين نسبته إلى الرعن ، أو سبه بالكلمة العبرانية التي كانوا يتسابون بها وهي راعينا ، فنهي المؤمنون عنها وأمروا بما يفيد تلك الفائدة ولا يقبل التلبيس ، وهو انظرنا بمعنى انظر إلينا . أو انتظرنا من نظره إذا انتظره . وقرئ أنظرنا من الإنظار أي أمهلنا لنحفظ . وقرئ راعونا على لفظ الجمع للتوقير ، وراعنا بالتنوين أي قولا ذا رعن نسبة إلى الرعن وهو الهوج ، لما شابه قولهم راعينا وتسبب للسب . { واسمعوا } وأحسنوا الاستماع حتى لا تفتقروا إلى طلب المراعاة ، أو واسمعوا سماع قبول لا كسماع اليهود ، أو واسمعوا ما أمرتم به بجد حتى لا تعودوا إلى ما نهيتم عنه .
{ وللكافرين عذاب أليم } يعني الذين تهاونوا بالرسول عليه الصلاة والسلام وسبوه .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }( 104 )
وقرأ جمهور الناس «راعِنا » من المراعاة بمعنى فاعلنا( {[1048]} ) أي أرعنا نرعك ، وفي هذا جفاء أن يخاطب به أحد نبيه ، وقد حض الله تعالى على خفض الصوت عنده وتعزيره وتوقيره ، فقال من ذهب إلى هذا المعنى إن الله تعالى نهى المؤمنين عنه لهذه العلة ، ولا مدخل لليهود في هذه الآية على التأويل ، بل هو نهي عن كل مخاطبة فيها استواء مع النبي صلى الله عليه وسلم : وقالت طائفة : هي لغة كانت الأنصار تقولها ، فقالها رفاعة( {[1049]} ) بن زيد بن التابوت للنبي صلى الله عليه وسلم ليّاً بلسانه وطعناً كما كان يقول : اسمع غير مسمع ، فنهى الله المؤمنين أن تقال هذه اللفظة .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : ووقف هذه اللغة على الأنصار تقصير ، بل هي لغة لجميع العرب فاعل من المراعاة . فكانت اليهود تصرفها إلى الرعونة ، يظهرون أنهم يريدون المراعاة ويبطنون أنهم يريدون الرعونة التي هي الجهل ، وحكى المهدوي عن قوم أن هذه الآية على هذا التأويل ناسخة لفعل قد كان مباحاً ؛ وليس في هذه الآية شروط النسخ لأن الأول لم يكن شرعاً متقرراً( {[1050]} ) . وقرأ الحسن بن أبي الحسن وابن أبي ليلى وابن محيصن وأبو حيوة «راعناً » بالتنوين( {[1051]} ) ، وهذه من معنى الجهل ، وهذا محمول على أن اليهود كانت تقوله فنهى الله تعالى المؤمنين عن القول المباح سد ذريعة( {[1052]} ) لئلا يتطرق منه اليهود إلى المحظور ، إذ المؤمنون إنما كانوا يقولون «راعنا » دون تنوين ، وفي مصحف ابن مسعود «راعونا » ، وهي شاذة ، ووجهها أنهم كانوا يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم كما تخاطب الجماعة ، يظهرون بذلك إكباره وهم يريدون في الباطن فاعولاً من الرعونة .
و { انظُرنا } مضمومة الألف والظاء معناها انتظرنا وأمهل علينا ، ويحتمل أن يكون المعنى تفقدنا من النظر ، وهذه لفظة مخلصة لتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم على المعنيين ، والظاهر عندي استدعاء نظر العين المقترن بتدبر الحال( {[1053]} ) ، وهذا هو معنى { راعنا } ، فبدلت للمؤمنين اللفظة ليزول تعلق اليهود ، وقرأ الأعمش وغيره «أنظِرنا » بقطع الألف وكسر الظاء بمعنى أخرنا وأمهلنا حتى نفهم عنك ونتلقى منك .
ولما نهى الله تعالى في هذه الآية وأمر ، حض بعد على السمع الذي في ضمنه الطاعة( {[1054]} ) ، واعلم أن لمن خالف أمره فكفر عذاباً أليماً ، وهو المؤلم ، { واسمعوا } معطوف على { قولوا } لا على معمولها .
يتعين في مثل هذه الآية{[154]} تطلب سبب نزولها ليظهر موقعها ووجه معناها ، فإن النهي عن أن يقول المؤمنون كلمة لا ذم فيها ولا سخف لا بد أن يكون لسبب ، وقد ذكروا في سبب نزولها أن المسلمين كانوا إذا ألقى عليهم النبيء صلى الله عليه وسلم الشريعة والقرآن يتطلبون منه الإعادة والتأني في إلقائه حتى يفهموه ويعوه فكانوا يقولون له راعنا يا رسول الله أي لا تتحرج منا وارفق وكان المنافقون من اليهود يشتمون النبيء صلى الله عليه وسلم في خلواتهم سراً وكانت لهم كلمة بالعبرانية تشبه كلمة راعنا بالعربية ومعناها في العبرانية سب ، وقيل معناها لا سمعت ، دعاء فقال بعضهم لبعض : كنا نسب محمداً سرّاً فأعلنوا به الآن أو قالوا هذا وأرادوا به اسم فاعل من رعن إذا اتصف بالرعونة وسيأتي ، فكانوا يقولون هاته الكلمة مع المسلمين ناوين بها السب فكشفهم الله وأبطل عملهم بنهي المسلمين عن قول هاته الكلمة حتى ينتهي المنافقون عنها ويعلموا أن الله أطلع نبيه على سرهم .
ومناسبة نزول هاته الآية عقب الآيات المتقدمة في السحر وما نشأ عن ذمه ، أن السحر كما قدمنا راجع إلى التمويه ، وأن من ضروب السحر ما هو تمويه ألفاظ وما مبناه على اعتقاد تأثير الألفاظ في المسحور بحسب نية الساحر وتوجهه النفسي إلى المسحور ، وقد تأصل هذا عند اليهود واقتنعوا به في مقاومة أعدائهم . ولما كان أذى الشخص بقول أو فعل لا يعلم مغزاهما كخطابه بلفظ يفيد معنى ومقصود المتكلم منه أذى ، أو كإهانة صورته أو الوطء على ظله ، كل ذلك راجعاً إلى الاكتفاء بالنية والتوجه في حصول الأذى ، كان هذا شبيهاً ببعض ضروب السحر ولذلك كان من شعار من استهواهم السحر واشتروه ناسب ذكر هاته الحالة من أحوالهم عقب الكلام على افتتانهم بالسحر وحبه دون بقية ما تقدم من أحوالهم وهاته المناسبة هي موجب التعقيب في الذكر .
وإنما فصلت هذه الآية عما قبلها لاختلاف الغرضين لأن هذه في تأديب المؤمنين ثم يحصل منه التعريض باليهود في نفاقهم وأذاهم والإشعار لهم بأن كيدهم قد أطلع الله عليه نبيه . وقد كانوا يعدون تفطن المسحور للسحر يبطل أثره فأشبهه التفطن للنوايا الخبيثة وصريح الآيات قبلها في أحوالهم الدينية المنافية لأصول دينهم ولأن الكلام المفتتح بالنداء والتنبيه ونحوه نحو { يا أيها الناس } ويا زيد وألا ونحوها لا يناسب عطفه على ما قبله وينبغي أن يعتبر افتتاح كلام بحيث لا يعطف إلا بالفاء إذا كان مترتباً عما قبله لأن العطف بالفاء بعيد عن العطف بالواو وأوسع من جهة التناسب .
و { راعنا } أمر من راعاه يراعيه وهو مبالغة في رعاه يرعاه إذا حرسه بنظره من الهلاك والتلف وراعى مثل رعى قال طرفة : * خذول تراعى ربربا بخميلة * وأطلق مجازاً على حفظ مصلحة الشخص والرفق به ومراقبة نفعه وشاع هذا المجاز حتى صار حقيقة عرفية ومنه رعاك الله ورعى ذمامه ، فقول المسلمين للنبيء صلى الله عليه وسلم ( راعنا ) هو فعل طلب من الرعي بالمعنى المجازي أي الرفق والمراقبة أي لا تتحرج من طلبنا وارفق بنا .
وقوله : { وقولوا انظرنا } أبدلهم بقولهم : { راعنا } كلمة تساويها في الحقيقة والمجاز وعدد الحروف والمقصود من غير أن يتذرع بها الكفار لأذى النبيء صلى الله عليه وسلم وهذا من أبدع البلاغة فإنَّ نَظَرَ في الحقيقة بمعنى حَرَسَ وصار مجازاً على تدبير المصالح ، ومنه قول الفقهاء هذا من النظر ، والمقصود منه الرفق والمراقبة في التيسير فيتعين أن قوله : { انظرنا } بضم همزة الوصل وضم الظاء وأنه من النظر لا من الانتظار .
وقد دلت هذه الآية على مشروعية أصل من أصول الفقه وهو من أصول المذهب المالكي يلقب بسد الذرائع وهي الوسائل التي يتوسل بها إلى أمر محظور .
وقوله تعالى : { واسمعوا } أريد به سماع خاص وهو الوعي ومزيد التلقي حتى لا يحتاجوا إلى طلب المراعاة أوالنظر وقيل : أراد من ( اسمعوا ) امتثلوا لأوامر الرسول قاله ابن عطية وهو أظهر .
وقوله : { وللكافرين عذاب أليم } التعريف للعهد . والمراد بالكافرين اليهود خاصة أي تأدبوا أنتم مع الرسول ولا تتأسوا باليهود في أقوالهم : فلهم عذاب أليم ، والتعبير بالكافرين دون اليهود زيادة في ذمهم . وليس هنا من التذييل لأن الكلام السابق مع المؤمنين فلا يصلح ما بعده من تعميم حكم الكافرين لتذييل ما قبله .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا"؛ فقال بعضهم: تأويله لا تقولوا خلافا...
وقال آخرون: تأويله: أرعنا سمعك: أي اسمع منا ونسمع منك...
ثم اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله نهى الله المؤمنين أن يقولوا راعنا، فقال بعضهم: هي كلمة كانت اليهود تقولها على وجه الاستهزاء والمسبّة، فنهى الله تعالى ذكره المؤمنين أن يقولوا ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم...عن قتادة: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنا}: قولٌ كانت تقوله اليهود استهزاءً، فزجر الله المؤمنين أن يقولوا كقولهم... قال ابن زيد في قوله: {يا أيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنا وَقُولُوا انْظُرْنَا} قال: راعنا القول الذي قاله القوم قَالُوا {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا واسمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّا بألسِنَتِهِمْ وَطَعْنَا في الدّينِ} قال: قال هذا الراعن، والراعن: الخطّاء. قال: فقال للمؤمنين: لا تقولوا خطاء كما قال القوم وقولوا انظرنا واسمعوا، قال: كانوا ينظرون إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ويكلمونه ويسمع منهم، ويسألونه ويجيبهم.
وقال آخرون: بل هي كلمة كانت الأنصار في الجاهلية تقولها، فنهاهم الله في الإسلام أن يقولوها لنبيه صلى الله عليه وسلم...
عن السدي: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنا وَقُولُوا انْظُرْنَا} كان رجل من اليهود من قبيلة من اليهود يقال لهم بنو قينقاع كان يُدْعَى رفاعة بن زيد بن السائب.
هذا خطأ إنما هو ابن التابوت ليس ابن السائب كان يأتي النبيّ صلى الله عليه وسلم، فإذا لقيه فكلمه قال: أرعني سمعك واسمع غير مسمع. فكان المسلمون يحسبون أن الأنبياء كانت تفخّم بهذا، فكان ناس منهم يقولون: اسمع غير مسمع، كقولك اسمع غير صاغر، وهي التي في النساء: {مِنَ الّذِينَ هَادُوا يحَرّفُونَ الكَلمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّا بألْسِنَتِهِمْ وَطَعْنا فِي الدّينِ} يقول: إنما يريد بقوله: طَعْنا فِي الدّينِ. ثم تقدم إلى المؤمنين فقال: لا تقولوا راعنا.
والصواب من القول في نهي الله جل ثناؤه المؤمنين أن يقولوا لنبيه: راعنا، أن يقال إنها كلمة كرهها الله لهم أن يقولوها لنبيه صلى الله عليه وسلم، نظير الذي ذكر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لاَ تَقُولُوا للعِنَبِ الكَرْمَ ولَكِنْ قُولُوا الحَبلَة»، و «لا تَقُولُوا عبْدِي وَلَكِنْ قُولُوا فَتَايَ» وما أشبه ذلك من الكلمتين اللتين تكونان مستعملتين بمعنى واحد في كلام العرب، فتأتي الكراهة أو النهي باستعمال إحداهما واختيار الأخرى عليها في المخاطبات.
فإن قال لنا قائل: فإنا قد علمنا معنى نهي النبيّ صلى الله عليه وسلم في العنب أن يقال له كرم، وفي العبد أن يقال له عبد، فما المعنى الذي في قوله: راعِنا حينئذٍ الذي من أجله كان النهي من الله جل ثناؤه للمؤمنين عن أن يقولوه، حتى أمرهم أن يؤثروا قوله: انْظُرْنا؟ قيل: الذي فيه من ذلك، نظير الذي في قول القائل الكرم للعنب، والعبد للمملوك، وذلك أن قول القائل عبدي، لجميع عباد الله، فكره النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يضاف بعض عباد الله، بمعنى العبودية إلى غير الله، وأمر أن يضاف ذلك إلى غيره بغير المعنى الذي يضاف إلى الله عزّ وجل، فيقال: فتاي. وكذلك وجه نهيه في العنب أن يقال كرما خوفا من توهم وصفه بالكرم، وإن كانت مسكّنة، فإن العرب قد تسكن بعض الحركات إذا تتابعت على نوع واحد، فكره أن يتصف بذلك العنب. فكذلك نهى الله عزّ وجل المؤمنين أن يقولوا «راعنا»، لما كان قول القائل «راعنا» محتملاً أن يكون بمعنى احفظنا ونحفظك وارقبنا ونرقبك، من قول العرب بعضهم لبعض: رعاك الله بمعنى حفظك الله وكلأك. ومحتملاً أن يكون بمعنى أرعنا سمعك، من قولهم: أرعيت سمعي إرعاءً، أو راعيته سمعي رعاء أو مراعاة، بمعنى: فرّغته لسماع كلامه...
وكأن الله جل ثناؤه قد أمر المؤمنين بتوقير نبيه صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، حتى نهاهم جلّ ذكره فيما نهاهم عنه عن رفع أصواتهم فوق صوته وأن يجهروا له بالقوْل كجهر بعضهم لبعض وخوّفهم على ذلك حبوط أعمالهم، فتقدّم إليهم بالزجر لهم عن أن يقولوا له من القول ما فيه جفاء، وأمرهم أن يتخيروا لخطابه من الألفاظ أحسنها، ومن المعاني أرقها، فكان من ذلك قولهم: راعِنا لِمَا فِيهِ من احتمال معنى ارعنا نرعاك، إذْ كانت المفاعلة لا تكون إلا من اثنين، كما يقول القائل: عاطنا وحادثنا وجالسنا، بمعنى افعل بنا ونفعل بك. ومعنى أرعنا سمعك حتى نفهمك وتفهم عنا. فنهى الله تعالى ذكره أصحاب محمد أن يقولوا ذلك كذلك وأن يفردوا مسألته بانتظارهم وإمهالهم ليعقلوا عنه بتبجيل منهم له وتعظيم، وأن لا يسألوه ما سألوه من ذلك على وجه الجفاء والتجهم منهم له، ولا بالفظاظة والغلظة، تشبها منهم باليهود في خطابهم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بقولهم له: اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنا. يدلّ على صحة ما قلنا في ذلك قوله: {مَا يَوَدّ الّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتابِ وَلاَ المُشْرِكِينَ أنْ يُنْزّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبّكُمْ} فدلّ بذلك أن الذي عاتبهم عليه مما يسرّ اليهود والمشركين.
فأما التأويل الذي حكي عن مجاهد في قوله: رَاعِنا أنه بمعنى خلافا، فمما لا يعقل في كلام العرب لأن «راعيت» في كلام العرب إنما هو على أحد وجهين: أحدهما بمعنى فاعلت من «الرّعْية»، وهي الرّقْبة والكلاءة. والاَخر بمعنى إفراغ السمع، بمعنى أرعيته سمعي. وأما «راعيت» بمعنى «خالفت»، فلا وجه له مفهوم في كلام العرب، إلا أن يكون قرأ ذلك بالتنوين ثم وجهه إلى معنى الرعونة والجهل والخطأ، على النحو الذي قال في ذلك عبد الرحمن بن زيد، فيكون لذلك وإن كان مخالفا قراءة القراء معنى مفهوم حينئذٍ.
وأما القول الاَخر الذي حكي عن عطية ومن حَكَى ذلك عنه، أن قوله: رَاعِنا كانت كلمة لليهود بمعنى السبّ والسخرية، فاستعملها المؤمنون أخذا منهم ذلك عنهم، فإن ذلك غير جائز في صفة المؤمنين أن يأخذوا من كلام أهل الشرك كلاما لا يعرفون معناه ثم يستعملونه بينهم وفي خطاب نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولكنه جائز أن يكون ذلك مما روي عن قتادة أنها كانت كلمة صحيحة مفهومة من كلام العرب وافقت كلمة من كلام اليهود بغير اللسان العربي هي عند اليهود سبّ، وهي عند العرب: أرعنِي سمعك وفرّغه لتفهم عني. فعلم الله جل ثناؤه معنى اليهود في قيلهم ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وأن معناها منهم خلاف معناها في كلام العرب، فنهى الله عزّ وجلّ المؤمنين عن قيلها للنبيّ صلى الله عليه وسلم لئلا يجترئ من كان معناه في ذلك غير معنى المؤمنين فيه أن يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم به. وهذا تأويل لم يأت الخبر بأنه كذلك من الوجه الذي تقوم به الحجة. وإذْ كان ذلك كذلك فالذي هو أولى بتأويل الآية ما وصفنا، إذْ كان ذلك هو الظاهر المفهوم بالآية دون غيره...
{وَقُولُوا انْظُرْنَا} وقولوا يا أيها المؤمنون لنبيكم صلى الله عليه وسلم: انتظرنا وارقبنا نفهم ونتبين ما تقول لنا وتعلمنا...فهّمْنا بيّنْ لنا يا محمد...
يقال منه: نظرت الرجل أنظره نظرة بمعنى انتظرته ورقبته... ومنه قول الله عز وجل: {يَوْمَ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالمُنَافِقَاتُ للّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} يعني به انتظرونا...
{واسمَعُوا}: واسمعوا ما يقال لكم ويتلى عليكم من كتاب ربكم وعوه وافهموه. فمعنى الآية إذا: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا لنبيكم راعنا سمعك وفرّغه لنا نفهمك وتفهم عنا ما نقول، ولكن قولوا انتظرنا وترقبنا حتى نفهم عنك ما تعلمنا وتبينه لنا، واسمعوا منه ما يقول لكم فعوه واحفظوه وافهموه. ثم أخبرهم جل ثناؤه أن لمن جحد منهم ومن غيرهم آياته وخالف أمره ونهيه وكذب رسوله العذاب الموجع في الآخرة، فقال: وللكافرين بي وبرسولي عذاب أليم، يعني بقوله الأليم: الموجع.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا} قال قطرب:"هي كلمة أهل الحجاز على وجه الهزء". وقيل: إن اليهود كانت تقولها كما قال الله في موضع آخر: {ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليّاً بألسنتهم وطعناً في الدين} [النساء: 46]. وكانوا يقولون ذلك عن مواطأة بينهم يريدون الهزء، كما قال الله تعالى: {وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله} [المجادلة: 8] لأنهم كانوا يقولون "السَّامُ عليك "يوهمون بذلك أنهم يسلّمون عليه، فأطْلَعَ الله نبيه عليه السلام على ذلك من أمْرِهم ونَهَى المسلمين أن يقولوا مثله.
وقوله: {راعنا} وإن كان يحتمل المراعاة والانتظار، فإنه لما احتمل الهزء على النحو الذي كانت اليهود تطلقه نُهوا عن إطلاقه لما فيه من احتمال المعنى المحظور إطلاقه. وجائز أن يكون الإطلاق مقتضياً لمعنى الهزء وإن احتمل الانتظار، ومثله موجود في اللغة، ألا ترى أن اسم الوعد يطلق على الخير والشر؟ قال الله تعالى:
{النار وعدها الله الذين كفروا} [الحج: 72] وقال تعالى: {ذلك وعد غير مكذوب} [هود: 65] ومتى أطلق عقل به الخير دون الشر؛ فكذلك قوله {راعنا} فيه احتمال الأمرين، وعند الإطلاق يكون بالهزء أخصّ منه بالانتظار. وهذا يدل على أن كل لفظ احتمل الخير والشر فغير جائز إطلاقه حتى يقيد بما يفيد الخير،
ويدل على أن الهزء محظور في الدين، وكذلك اللفظ المحتمل له ولغيره هو محظور؛ والله أعلم بمعاني كتابه...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
قصودُ الأعداء في جميع أَحوالهم -من أعمالهم وأقوالهم- قصودٌ خبيثة؛ فهم على مناهجهم يبنون فيما يأتون ويَذَرُون. فسبيلُ الأولياء التَّحرزُ عن مشابهتهم، والأخذ في طريق غير طريقهم...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{واسمعوا} وأحسنوا سماع ما يكلمكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلقي عليكم من المسائل بآذان واعية وأذهان حاضرة، حتى لا تحتاجوا إلى الاستعانة وطلب المراعاة، أو اسمعوا سماع قبول وطاعة، ولا يكن سماعكم مثل سماع اليهود حيث قالوا: سمعنا وعصينا، أو واسمعوا ما أمرتم به بجدّ حتى لا ترجعوا إلى ما نهيتم عنه، تأكيداً عليهم ترك تلك الكلمة...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
وقرأ جمهور الناس «راعِنا» من المراعاة بمعنى فاعلنا أي أرعنا نرعك، وفي هذا جفاء أن يخاطب به أحد نبيه، وقد حض الله تعالى على خفض الصوت عنده وتعزيره وتوقيره، فقال من ذهب إلى هذا المعنى إن الله تعالى نهى المؤمنين عنه لهذه العلة، ولا مدخل لليهود في هذه الآية على التأويل، بل هو نهي عن كل مخاطبة فيها استواء مع النبي صلى الله عليه وسلم:
وقالت طائفة: هي لغة كانت الأنصار تقولها، فقالها رفاعة بن زيد بن التابوت للنبي صلى الله عليه وسلم ليّاً بلسانه وطعناً كما كان يقول: اسمع غير مسمع، فنهى الله المؤمنين أن تقال هذه اللفظة. قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ووقف هذه اللغة على الأنصار تقصير، بل هي لغة لجميع العرب فاعل من المراعاة. فكانت اليهود تصرفها إلى الرعونة، يظهرون أنهم يريدون المراعاة ويبطنون أنهم يريدون الرعونة التي هي الجهل.
أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَجَنُّبِ الْأَلْفَاظِ الْمُحْتَمِلَةِ الَّتِي فِيهَا التَّعَرُّضُ لِلتَّنْقِيصِ وَالْغَضِّ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ فَهْمُ التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ وَغَيْرِهِ...
أحكام القرآن لابن الفرس 595 هـ :
وقد استدل الفقهاء في هذه الآية على القول بسد الذرائع في الأحكام خلافا للشافعي وأبي حنيفة في ترك الاعتبار بذلك... فرأوا أن ما جر إلى الحرام حرام، وتعلقوا بظاهر الآية المذكورة في منع المؤمنين من قول راعنا للنبي-عليه السلام-...
اعلم أن الله تعالى لما شرح قبائح أفعالهم قبل مبعث محمد عليه الصلاة والسلام أراد من ههنا أن يشرح قبائح أفعالهم عند مبعث محمد صلى الله عليه وسلم وجدهم واجتهادهم في القدح فيه والطعن في دينه وهذا هو النوع الأول من هذا الباب وههنا مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن الله تعالى خاطب المؤمنين بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا} في ثمانية وثمانين موضعا من القرآن. قال ابن عباس: وكان يخاطب في التوراة بقوله: يا أيها المساكين فكأنه سبحانه وتعالى لما خاطبهم أولا بالمساكين أثبت المسكنة لهم آخرا حيث قال: {وضربت عليهم الذلة والمسكنة} وهذا يدل على أنه تعالى لما خاطب هذه الأمة بالإيمان أولا فإنه تعالى يعطيهم الأمان من العذاب في النيران يوم القيامة، وأيضا فاسم المؤمن أشرف الأسماء والصفات، فإذا كان يخاطبنا في الدنيا بأشرف الأسماء والصفات فنرجو من فضله أن يعاملنا في الآخرة بأحسن المعاملات.
المسألة الثانية: أنه لا يبعد في الكلمتين المترادفتين أن يمنع الله من أحدهما ويأذن في الأخرى، ولذلك فإن عند الشافعي رضي الله عنه لا تصلح الصلاة بترجمة الفاتحة سواء [أكانت] بالعبرية [أم] بالفارسية، فلا يبعد أن يمنع الله من قوله: {راعنا} ويأذن في قوله: {انظرنا} وإن كانتا مترادفتين ولكن جمهور المفسرين على أنه تعالى إنما منع من قوله: {راعنا} لاشتمالها على نوع مفسدة.
أما قوله تعالى: {وقولوا انظرنا} ففيه وجوه،
أحدها: أنه من نظره أي انتظره، قال تعالى: {انظرونا نقتبس من نوركم} فأمرهم تعالى بأن يسألوه الإمهال لينقلوا عنه، فلا يحتاجون إلى الاستعادة. فإن قيل: أفكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجل عليهم حتى يقولون هذا؟ فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن هذه اللفظة قد تقال في خلال الكلام وإن لم تكن هناك عجلة تحوج إلى ذلك كقول الرجل في خلال حديثه: اسمع أو سمعت.
[و] الثاني: أنهم فسروا قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أنه عليه السلام كان يعجل قول ما يلقيه إليه جبريل عليه السلام حرصا على تحصيل الوحي وأخذ القرآن، فقيل له: لا تحرك به لسانك لتعجل به، فلا يبعد أن يعجل فيما يحدث به أصحابه من أمر الدين حرصا على تعجيل أفهامهم فكانوا يسألونه في هذه الحالة أن يمهلهم فيما يخاطبهم به إلى أن يفهموا كل ذلك الكلام.
وثانيها: «انظرنا» معناه «انظر» إلينا إلا أنه حذف حرف «إلى» كما في قوله: {واختار موسى قومه} والمعنى من قومه، والمقصود منه أن المعلم إذا نظر إلى المتعلم كان إيراده للكلام على نعت الإفهام والتعريف أظهر وأقوى...
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
{لا تقولوا راعنا} نهي يقتضي التحريم.
{واسمعوا وللكافرين عذاب أليم} لما نهى وأمر جل وعز، حض على السمع الذي في ضمنه الطاعة، وأعلم أن لمن خالف أمره فكفر عذابا أليما.
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :
{يا أيها الذين آمنوا}: هذا أول خطاب خوطب به المؤمنون في هذه السورة، بالنداء الدال على الإقبال عليهم.
وذلك أن أول نداء جاء أتى عامًّا: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم}
وثاني نداء أتى خاصاً: {يا بني إسرائيل اذكروا} وهي الطائفة العظيمة التي اشتملت على الملتين: اليهودية والنصرانية،
وثالث نداء لأمة محمد صلى الله عليه وسلم المؤمنين. فكان أول نداء عامًّا، أمروا فيه بأصل الإسلام، وهو عبادة الله. وثاني نداء، ذكروا فيه بالنعم الجزيلة، وتعبدوا بالتكاليف الجليلة، وخوّفوا من حلول النقم الوبيلة، وثالث نداء: علموا فيه أدباً من آداب الشريعة مع نبيهم، إذ قد حصلت لهم عبادة الله، والتذكير بالنعم، والتخويف من النقم، والاتعاظ بمن سبق من الأمم، فلم يبق إلا ما أمروا به على سبيل التكميل، من تعظيم من كانت هدايتهم على يديه.
وتضمن هذا النهيُ النهيَ عن كل ما يكون فيه استواء مع النبي صلى الله عليه وسلم. ولما نهى أوّلاً، وأمر ثانياً، وأمر بالسمع وحض عليه، إذ في ضمنه الطاعة، أخذ يذكر لمن خالف أمره وكفر.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان من الحق كما قال الحرالي: إجراء الأمور على حكم ما أثبتها الحق لأنها بذلك حق هو مثال للحق المبين وصرفها إلى من لم يثبتها الحق في حيزه إفك وقلب عن وجهه فهو خيال باطل هو في باب الرأي بمنزلة السحر في الحس فهو خيال لما صحة النسبة فيه مثال اتبع الآيات الذامة للسحر الحقيقي التنبيه على السحر المجازي الذي حيلوا به الخير وقصدوا به الشر ليكون النهي عنه نهياً عن الأول بطريق الأولى، فقال ملتفتاً عن ذكرهم إلى خطاب المؤمنين الذي هو أخص من {يا بني إسرائيل} الأخص من {يا أيها الناس اعبدوا ربكم} [البقرة: 21] {يا أيها الذين آمنوا}، أي أقروا بالإيمان صدقوا إقراركم به بأن {لا تقولوا} للنبي صلى الله عليه وسلم: {راعنا}... فنهاهم عن موافقتهم في القول منعاً للصحيح الموافق في الصورة لشبهه من القبيح وعوضهم منها ما لا يتطرق إليه فساد فقال: {وقولوا انظرنا} فأبقى المعنى وصرف اللفظ.
قال الحرالي: ففيه إلزام تصحيح الصور لتطابق تصحيح المقاصد وليقع الفرق بين الصورتين كما وقع الفرق بين المعنيين فهي آية فرقان خاصة بالعرب. قال الأصفهاني: وهذا النهي اختص بهذا الوقت، قال الواحدي لإجماع الأمة على جواز المخاطبة بهذا اللفظ الآن...
{وللكافرين} على غير معطوف عليه مذكور مرشد إلى أن التقدير: فإن السماع أي القبول إيمان وللسامعين نعيم كريم والإعراض كفر وللكافرين من اليهود وغيرهم
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
أقول: هذا الخطاب للمؤمنين، في أمر له علاقة بما كان بينهم وبين اليهود فهو متعلق بماضي السياق الخاص ببني إسرائيل، وبدء انتقال منه إلى سياق مشترك بين المؤمنين واليهود والنصارى جميعا في أمر الدين...
وهاهنا وجه آخر وهو أنه يقال في اللغة: راعى الحمار الحمر إذا رعى معها، فيجوز أن اليهود كانوا يحرفون الكلمة بصرفها إلى هذا المعنى فنهى الله المسلمين عن هذه الكلمة وشنع على اليهود بإظهار سوء قصدهم فيها. وقد رضوا بصرف اللفظ إلى هذا المعنى وإن كان يتضمن أنهم حمر لأن السباب يسب نفسه كما يسب غيره...
ثم ختم الآية بقوله {وللكافرين عذاب أليم} لبيان أن ما صدر عن اليهود من سوء الأدب في خطاب الرسول هو أثر من آثار الكفر الذي يعذبون عليه العذاب الموجع أشد الايجاع، وللتنبيه على أن التقصير في الأدب معه صلى الله عليه سلم ذنب مجاور للكفر يوشك أن يجر إليه فيجب الاحتراس منه بترك الألفاظ الموهمة للمساواة، بله الألفاظ المنافية للآداب...
أقول: لا شك أن من يعامل أستاذه ومرشده معاملة المساواة في القول والعمل يقل احترامه له وتزول هيبته من نفسه حتى تقل الاستفادة منه أو تعدم. وإذا لم تزل الاستفادة منه من حيث كونه معلما فإنها تقل تزول لا محالة من حيث كونه مربيا لأن المدار في التربية على التأسي والقدوة، ومن أراه مثلي لا أرضاه إماما وقدوة لي. فإن رضيته بالمواضعة والتقليد وكذبتني المعاملة فأي قيمة لهذا الرضى والعبرة بما في الواقع ونفس الأمر، وهو أن من اعتقد أن امرءا فوقه علما وكمالا وأنه في حاجة للاستفادة من علمه وإرشاده ومن أخلاقه وآدابه، فإنه لا يستطيع أن يساوي نفسه به في المعاملة القولية ولا الفعلية، إلا ما يكون من فلتات اللسان ومن اللمم، وعن مثل هذا نهى الصحابة رضي الله عنهم لئلا يجرهم الأنس به صلى الله عليه وسلم وكرم أخلاقه إلى اعتداء حدود الأدب الواجب معه الذي لا تكمل التربية إلا بكماله، وهو تعالى يقول {33: 21 لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} الآية...
(الأستاذ الإمام): إنما كان عدم الإصغاء لما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام وخطابه خطاب الأكفاء والنظراء مجاورا للكفر، لأنه يتكلم عن الله عز وجل لسعادة من يسمع ويعقل ويأخذ ما يؤمر به بالأدب ويسأل عما لا يفهمه بالأدب، ومن فاتته هذه السعادة فهو الشقي الذي لا يعدل بشقائه شقاء...
ومعنى هذه المجاورة أن سوء الأدب بنحو ما حكى عن اليهود في سورة النساء هو من الكفر الصريح ولذلك قال بعده {4: 46 ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم، ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا} فالألفاظ التي تحاكي الألفاظ التي توعدوا عليها بهذا الوعيد على أنها كفر إذا صدرت من المؤمن غير محرفة ولا مقصودة بها ما كانوا يقصدون تسمى مجاورة لألفاظ الكفر لأنها موهمة وخارجة عن حدود الأدب اللائق بالمؤمنين...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
يمضي هذا الدرس في كشف دسائس اليهود وكيدهم للإسلام والمسلمين؛ وتحذير الجماعة المسلمة من ألاعيبهم وحيلهم، وما تكنه نفوسهم للمسلمين من الحقد والشر، وما يبيتون لهم من الكيد والضر؛ ونهى الجماعة المسلمة عن التشبه بهؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب في قول أو فعل؛ ويكشف للمسلمين عن الأسباب الحقيقية الدفينة التي تكمن وراء أقوال اليهود وأفعالهم، وكيدهم ودسهم، وألاعيبهم وفتنهم، التي يطلقونها في الصف الإسلامي.
ويبدو أن اليهود كانوا يتخذون من نسخ بعض الأوامر والتكاليف، وتغييرها وفق مقتضيات النشأة الإسلامية الجديدة، والظروف والملابسات التي تحيط بالجماعة المسلمة.. يبدو أنهم كانوا يتخذون من هذا ذريعة للتشكيك في مصدر هذه الأوامر والتكاليف؛ ويقولون للمسلمين:لو كانت من عند الله ما نسخت ولا صدر أمر جديد يلغي أو يعدل أمرا سابقا.. واشتدت هذه الحملة عند تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة بعد ستة عشر شهرا من الهجرة. وكان النبي [ص] قد اتجه بالصلاة -عقب الهجرة- إلى بيت المقدس -قبلة اليهود ومصلاهم- فاتخذ اليهود من هذا التوجه حجة على أن دينهم هو الدين، وقبلتهم هي القبلة؛ مما جعل الرسول [ص] يرغب ولا يصرح في التحول عن بيت المقدس إلى الكعبة، بيت الله المحرم. وظلت هذه الرغبة تعتمل في نفسه حتى استجاب له ربه فوجهه إلى القبلة التي يرضاها -كما سيجيئ في سياق السورة- ونظرا لما يحمله هذا التحول من دحض لحجة بني إسرائيل فقد عز عليهم أن يفقدوا مثل هذه الحجة، فشنوها حملة دعاية ماكره في وسط المسلمين، بالتشكيك في مصدر الأوامر التي يكلفهم بها رسول الله [ص] وفي صحة تلقيه عن الوحي.. أي إنهم وجهوا المعول إلى أساس العقيدة في نفوس المسلمين! ثم قالوا لهم:إن كان التوجه إلى بيت المقدس باطلا فقد ضاعت صلاتكم وعبادتكم طوال هذه الفترة. وإن كان صحيحا. ففيم التحول عنه؟ أي أنهم وجهوا المعول إلى أساس الثقة في نفوس المسلمين برصيدهم من ثواب الله، وقبل كل شيء في حكمة القيادة النبوية! ويبدو أن هذه الحملة الخبيثة الماكرة آتت ثمرتها الكريهة في بعض نفوس المسلمين. فأخذوا يسألون الرسول [ص] في قلق وزعزعة؛ ويطلبون البراهين والأدلة، الأمر الذي لا يتفق مع الطمأنينة المطلقة إلى القيادة، والثقة المطلقة بمصدر العقيدة. فنزل القرآن يبين لهم أن نسخ بعض الأوامر والآيات يتبع حكمة الله الذي يختار الأحسن لعباده؛ ويعلم ما يصلح لهم في كل موقف. وينبههم في الوقت ذاته إلى أن هدف اليهود هو ردهم كفارا بعد إيمانهم؛ حسدا من عند أنفسهم على اختيار الله لهم، واختصاصهم برحمته وفضله، بتنزيل الكتاب الأخير عليهم، وانتدابهم لهذا الأمر العظيم. ويكشف لهم ما وراء أضاليل اليهود من غرض دفين! ويفند دعواهم الكاذبة في أن الجنة من حقهم وحدهم. ويقص عليهم التهم المتبادلة بين فريقي أهل الكتاب إذ يقول اليهود:ليست النصارى على شيء، وتقول النصارى ليست اليهود على شيء؛ وكذلك يقول المشركون عن الجميع! ثم يفظع نيتهم التي يخفونها من وراء قصة القبلة؛ وهي منع الاتجاه إلى الكعبة بيت الله ومسجده الأول، ويعده منعا لمساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعيا في خرابها. ويمضي السياق في هذا الدرس على هذا النحو، حتى ينتهي إلى أن يضع المسلمين وجها لوجه أمام الهدف الحقيقي لأهل الكتاب من اليهود والنصارى.. إنه تحويل المسلمين من دينهم إلى دين أهل الكتاب ولن يرضوا عن النبي [ص] حتى يتبع ملتهم، وإلا فهي الحرب والكيد والدس إلى النهاية! وهذه هي حقيقة المعركة التي تكمن وراء الأباطيل والأضاليل، وتتخفى خلف الحجج والأسباب المقنعة!!!
[و] يتجه الخطاب في مطلع هذا الدرس إلى (الذين آمنوا) يناديهم بالصفة التي تميزهم، والتي تربطهم بربهم ونبيهم، والتي تستجيش في نفوسهم الاستجابة والتلبية. ومن ثم جاء النهي للمؤمنين عن اللفظ الذي يتخذه اليهود ذريعة، وأمروا أن يستبدلوا به مرادفه في المعنى، الذي لا يملك السفهاء تحريفه وإمالته. كي يفوتوا على اليهود غرضهم الصغير السفيه! واستخدام مثل هذه الوسيلة من اليهود يشي بمدى غيظهم وحقدهم، كما يشي بسوء الأدب، وخسة الوسيلة، وانحطاط السلوك. والنهي الوارد بهذه المناسبة يوحي برعاية الله لنبيه وللجماعة المسلمة، ودفاعه -سبحانه- عن أوليائه، بإزاء كل كيد وكل قصد شرير من أعدائهم الماكرين
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
ومناسبة نزول هاته الآية عقب الآيات المتقدمة في السحر وما نشأ عن ذمه، أن السحر كما قدمنا راجع إلى التمويه، وأن من ضروب السحر ما هو تمويه ألفاظ وما مبناه على اعتقاد تأثير الألفاظ في المسحور بحسب نية الساحر وتوجهه النفسي إلى المسحور، وقد تأصل هذا عند اليهود واقتنعوا به في مقاومة أعدائهم.
ولما كان أذى الشخص بقول أو فعل لا يعلم مغزاهما كخطابه بلفظ يفيد معنى ومقصود المتكلم منه أذى، أو كإهانة صورته أو الوطء على ظله، كل ذلك راجعاً إلى الاكتفاء بالنية والتوجه في حصول الأذى، كان هذا شبيهاً ببعض ضروب السحر ولذلك كان من شعار من استهواهم السحر واشتروه ناسب ذكر هاته الحالة من أحوالهم عقب الكلام على افتتانهم بالسحر وحبه دون بقية ما تقدم من أحوالهم وهاته المناسبة هي موجب التعقيب في الذكر.
وإنما فصلت هذه الآية عما قبلها لاختلاف الغرضين لأن هذه في تأديب المؤمنين ثم يحصل منه التعريض باليهود في نفاقهم وأذاهم والإشعار لهم بأن كيدهم قد أطلع الله عليه نبيه. وقد كانوا يعدون تفطن المسحور للسحر يبطل أثره فأشبهه التفطن للنوايا الخبيثة وصريح الآيات قبلها في أحوالهم الدينية المنافية لأصول دينهم ولأن الكلام المفتتح بالنداء والتنبيه ونحوه نحو {يا أيها الناس} ويا زيد وألا ونحوها لا يناسب عطفه على ما قبله وينبغي أن يعتبر افتتاح كلام بحيث لا يعطف إلا بالفاء إذا كان مترتباً عما قبله لأن العطف بالفاء بعيد عن العطف بالواو وأوسع من جهة التناسب.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
كانوا يقولون: {راعنا} يقصدون الرعونة، بمعنى عدم الاستقرار الفعلي والفكري فأمر الله المؤمنين أن يتوقوا هذه الكلمة وأن يقولوا انظرنا بمعنى اشملنا بنظرتك وإرشادك وتوجيهك، وأمرهم مع ذلك بأن يسمعوا للرسول إرشاده وتوجيهه. وإن ذلك يفيد أمرين:
أحدهما – إرشاد المؤمنين بأن يتخيروا العبارات التي لا تثير حولها المرتابين إلى ما يتعدى مقاصدهم، وما يحرفونها عن مقصودها،
وأن يتخيروا جميل الألفاظ التي لا يؤذي جرسها الأسماع.
الأمر الثاني – أنه يجب الأخذ بسد ذرائع فساد الفهم، وما يؤدي إلى الغمز في القول، وإخراج الكلام عن معناه، وتعدي مقصده. بل إن بعض المشتغلين بالفقه قال:"إنها دليل على الأخذ بمبدأ سد الذرائع الذي يقوم على أن الذرائع أو الوسائل تأخذ حكم ما تؤدي إليه، فما يؤدي إلى المطلوب يكون مطلوبا، وما يؤدي إلى الممنوع يكون ممنوعا" وإن لذلك وجها من القول، فإن نهي الله تعالى عن أن يقولوا {راعنا} سد لفساد اليهود الذين يغمزون في القول، ويتهكمون بهذا على المؤمنين، وعلى مقام النبوة السامي الجليل.
تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :
من فوائد الآية: أنه ينبغي استعمال الأدب في الألفاظ؛ يعني أن يُتجنب الألفاظ التي توهم سبًّا، وشتماً؛ لقوله تعالى: {لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا...
ومنها: أن الإيمان مقتضٍ لكل الأخلاق الفاضلة؛ لأن مراعاة الأدب في اللفظ من الأخلاق الفاضلة...
ومنها: أن مراعاة الأخلاق الفاضلة من الإيمان...
ومنها: أنه ينبغي لمن نهى عن شيء أن يدل الناس على بدله المباح؛ فلا ينهاهم، ويجعلهم في حيرة...
ومنها: وجوب الانقياد لأمر الله ورسوله؛ لقوله تعالى: (واسمعوا).
ومنها: التحذير من مخالفة أمر الله، وأنها من أعمال الكافرين؛ لقوله تعالى: (وللكافرين عذاب أليم)...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
وهذه قاعدة إسلامية توحي للمسلمين في كلّ زمان ومكان بالتدقيق في مداليل الكلمات والمصطلحات التي يستعملونها، ودراسة الآفاق التي يمكن أن تثيرها في ما لها من مفاهيم ضيّقةٍ أو واسعة لدى النّاس، مما قد يلتقي بالمعنى الإسلامي الأصيل، ومما قد لا يلتقي به، لئلاّ يُساءَ استغلالها من قِبَل الآخرين في مقاصد شرّيرة ضالّةٍ أو كافرةٍ يُراد بها تمييع المفاهيم الإسلامية وإرباكها، كما نلاحظ في بعض الكلمات التي أخذت في حياة النّاس أبعاداً معينة لا تنسجم مع التفكير الإسلامي، كما في كلمة «الحرية» التي أصبحت تحمل من المعاني الكثير الكثير مما قد لا يتوافق مع الحدود التي يقف التشريع الإسلامي عندها في أوضاع الإنسان وأفعاله وعلاقاته وأقواله...
فقد أخذت هذه الكلمة بعضاً من أفكار الاتجاه الرأسمالي الذي يعطي الفرد مساحةً واسعة في تصرفاته بعيداً عن كلّ مضمون أخلاقي أو إنساني، فأصبح من ملامحها البارزة أن يسمح الإنسان الفرد لنفسه بأن يفعل ما يشاء في علاقاته الجنسية، أو الاقتصادية، أو السياسية... بشرط أن لا يعتدي على حرية غيره، بل ربما امتد ذلك إلى حرية الانتحار مما لا يوافق عليه الإسلام...
إنَّ القضية التي نستوحيها من الآية، هي أنَّ علينا أن لا نفسح في المجال لاستغلال الكلمة في غير مدلولها الذي نؤمن به، حتى لو كان المدلول المضاد مرتبطاً بها من خلال لغة أخرى أو عُرفٍ آخر، أو أجواء معينة تضفي عليها طابعاً خاصاً...
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :
من الهداية: -وجوب التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مخاطبته بعدم استعمال أي لفظة قد تفهم غير الإِجلال والإِكبار له صلى الله عليه وسلم.
- وجوب السماع لرسول الله بامتثال أمره واجتناب نهيه، وعند مخاطبته لمن أكرمهم الله تعالى بمعايشته والوجود معه...