تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقُولُواْ رَٰعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا وَٱسۡمَعُواْۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (104)

قوله تعلى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا } قال الكلبي : { راعنا } كلمة كانت العرب [ تكنى بها ] يقول الرجل لصاحبه : راعني سمعك ، فلما سمعتهم اليهود يقولون هذا للنبي عليه السلام أعجبهم ذلك ، و " راعني " في

كلام اليهود كلمة يسب [ بها بعضهم بعضا ] فقالوا : قوموا بنا نسب محمدا [ فأعلنوا ] له السب ، فكانوا يأتونه ، فيقولون : يا محمد راعنا ، ويضحكون فعرفها رجل من الأنصار كان يعرف لغتهم ، فقال : يا أعداء الله ، عليكم لعنة الله ، والذي نفسي بيده لئن سمعت رجلا منكم بعد مجلسي هذا يعيدها لأضربن عنقه ، فقالوا : أو لستم تقولونها للنبي ؟ فقال الله للذين آمنوا : { لا تقولوا } لمحمد : { راعنا } ولكن قولوا : { انظرنا } أي انتظرنا نتفهم ، فقال المؤمنون : الآن لئن سمعتم بالرجل من اليهود يقول لنبيكم : راعنا ، فأوجعوه ضربا ، فانتهت عنها اليهود بعد ذلك .

قال محمد : وذكر غير يحيى ، أن المسلمين كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : راعنا وأرعنا سمعك ، وأصل الكلمة من راعيت الرجل ، إذا تأملته ، وتعرفت أحواله ، وكانت اليهود يقولونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بلغتهم سب ، ويحرفونها إلى ما في قلوبهم من السب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والطعن عليه .

قوله تعالى { واسمعوا } يعني واستمعوا ما يأمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تكونوا كالكافرين الذين لا يقولون : انظرنا ، ولا يسمعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { عذاب أليم } أي موجع .