معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقُولُواْ رَٰعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا وَٱسۡمَعُواْۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (104)

هو من الإِرعاء والمراعاة ، ( وفي ) قراءة عبد الله " لاَ تَقُولُوا راعُونا " وذلك أنها كلمة باليهودية شتم ، فلما سمعت اليهودُ أصحابَ محمد صلى الله عليه وسلم يقولون : يا نبيّ الله راعنا ، اغتنموها فقالوا : قد كنا نسبّه في أنفسنا فنحن الآن قد أمكننا أن نظهر له السَّبَّ ، فجعلوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : راعِنا ، ويضحك بعضهم إلى بعض ، ففطن لها رجلٌ من الأنصار ، فقال لهم : والله لا يتكلم بها رجل إلا ضربت عنقه ، فأنزل الله { لاَ تَقُولُواْ رَاعِنا } ينهي المسلمين عنها ؛ إذْ كانت سبّاً عند اليهود . وقد قرأها الحسن البصريّ : " لاَ تَقُولُوا رَاعِنا " بالتنوين ، يقول : لا تقولوا حُمْقا ، وينصب بالقول ؛ كما تقول : قالوا خيرا وقالوا شرّا .

وقوله : { وَقُولُواْ انْظُرْنا } أي انتظرنا . و( أَنْظِرنا ) : أخِّرنا ، ( قال الله ) : { [ قَالَ ] أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } يريد أخِّرني ، وفي سورة الحديد { [ يَوْمَ يَقُولُ المُنافِقُونَ وَالْمنافِقَاتُ ] لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ } خفيفة الألِف على معنى الانتظار . وقرأها حمزة الزيّات : " لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْظِرُونا " على معنى التأخير .