{ 17 - 20 ْ } { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا * فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا * وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ْ }
يخبر تعالى عن حالة المشركين وشركائهم يوم القيامة وتبريهم منهم ، وبطلان سعيهم فقال : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } أي : المكذبين المشركين { وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ } الله مخاطبا للمعبودين على وجه التقريع لمن عبدهم : { أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ } هل أمرتموهم بعبادتكم وزينتم لهم ذلك أم ذلك من تلقاء أنفسهم ؟
ثم يمضي مستطردا يعرض مشهدا آخر من مشاهد الساعة التي كذب بها المكذبون . مشهد أولئك المشركين ، وقد حشروا مع آلهتم التي كانوا يزعمون ، ووقف الجميع عبادا ومعبودين أمام الديان يسألون ويجيبون !
( ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله ، فيقول : أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء ، أم هم ضلوا السبيل ? قالوا : سبحانك ! ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء . ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر ، وكانوا قوما بورا . . فقد كذبوكم بما تقولون ، فما تستطيعون صرفا ولا نصرا . ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا ) . .
وما يعبدون من دون الله قد يكونون هم الأصنام . وقد يكونون هم الملائكة والجن ، وكل معبود من دون الله . وإن الله ليعلم . ولكن الاستجواب هكذا في الساحة الكبرى ، وهم محشورون أجمعين ، فيه تشهير وتأنيب ، وهو ذاته عذاب مرهوب ! والجواب هو الإنابة من هؤلاء " الآلهة " ! الإنابة لله الواحد القهار . وتنزيهه عن ذلك الافتراء ، والتبرؤ لا من ادعاء الألوهية ، ولكن من مجرد أن يتخذوا لهم أولياء من دون الله ، والزراية على أولئك الجاحدين الجهال :
يقول تعالى مخبراً عما يَقَع يوم القيامة من تقريع الكفار في عبادتهم مَن عبدوا من دون الله ، من الملائكة وغيرهم ، فقال : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ{[21432]} وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } . قال مجاهد : عيسى ، والعُزَير ، والملائكة . { فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ } أي : فيقول الرب تبارك وتعالى [ للمعبودين ]{[21433]} أأنتم دعوتم هؤلاء إلى عبادتكم من دوني ، أم هم عبدوكم من تلقاء أنفسهم ، من غير دعوة منكم لهم ؟ كما قال الله تعالى : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ . مَا قُلْتُ لَهُم } {[21434]} إلى آخر الآية ؛ [ المائدة : 116 - 117 ] ولهذا قال تعالى مخبرًا عما يُجيِب به المعبودون يوم القيامة : { قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ }
المعنى واذكر يوم ، والضمير في { نحشرهم } للكفار ، وقوله { وما يعبدون } يريد به كل شيء عبد من دون الله فغلب العبارة عما لا يعقل من الأوثان لأنها كانت الأغلب وقت المخاطبة ، وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص والأعرج وأبو جعفر «يحشرهم » «فيقول » بالياء ، وفي قراءة عبد الله «وما يعبدون من دونك » ، وقرأ الأعرج «نحشِرهم » بكسر الشين وهي قليل في الاستعمال قوية في القياس لأن يفعِل بكسر العين في المتعدي أقيس من يفعُل بضم العين{[8795]} ، وهذه الآية تتضمن الخبر عن أن الله يوبّخ الكفار في القيامة بأن يوقف المعبودين على هذا المعنى ليقع الجواب بالتبري من الذنب فيقع الخزي على الكافرين ، واختلف الناس في الموقف المجيب في هذه الآية ، فقال جمهور المفسرين هو كل من ظلم بأن عبد ممن يعقل كالملائكة وعزير وعيسى وغيرهم ، وقال الضحاك وعكرمة الموقف المجيب الأصنام التي لا تعقل يقدرها الله تعالى يومئذ على هذه المقالة ويجيء خزي الكفرة لذلك أبلغ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.