المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَـٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيۡهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (77)

77- إن الذين يتركون عهد الله الذي عاهدهم عليه من أداء الحقوق والقيام بالتكليفات ، ويتركون أيمانهم التي أقسموا بها على الوفاء - لثمن قليل من أعراض الدنيا - مهما عظم في نظرهم - هؤلاء لا نصيب لهم في متاع الآخرة ، ويُعرض عنهم ربهم ، ولا ينظر إليهم يوم القيامة نظرة رحمة ، ولا يغفر لهم آثامهم ، ولهم عذاب مؤلم مستمر الإيلام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَـٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيۡهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (77)

وإذا كان الأميون قد عرفوا بوفاء العهود وبتقوى الله وعدم التجرئ على الأموال المحترمة ، كانوا هم المحبوبين لله ، المتقين الذين أعدت لهم الجنة ، وكانوا أفضل خلق الله وأجلهم ، بخلاف الذين يقولون ليس علينا في الأميين سبيل ، فإنهم داخلون في قوله : { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } ويدخل في ذلك كل من أخذ شيئا من الدنيا في مقابلة ما تركه من حق الله أو حق عباده ، وكذلك من حلف على يمين يقتطع بها مال معصوم فهو داخل في هذه الآية ، فهؤلاء { لا خلاق لهم في الآخرة } أي : لا نصيب لهم من الخير { ولا يكلمهم الله } يوم القيامة غضبا عليهم وسخطا ، لتقديمهم هوى أنفسهم على رضا ربهم { ولا يزكيهم } أي : يطهرهم من ذنوبهم ، ولا يزيل عيوبهم { ولهم عذاب أليم } أي : موجع للقلوب والأبدان ، وهو عذاب السخط والحجاب ، وعذاب جهنم ، نسأل الله العافية .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَـٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيۡهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (77)

65

ومن ثم يجعل الذين يخيسون بالعهد ويغدرون بالأمانة . . ( يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا ) . . فالعلاقة في هذا بينهم وبين الله قبل أن تكون بينهم وبين الناس . . ومن هنا فلا نصيب لهم في الآخرة عنده ، أن كانوا يبغون بالغدر والنكث بالعهد ثمنا قليلا هو هذه المصالح الدنيوية الزهيدة ! ولا رعاية لهم من الله في الآخرة جزاء استهانتهم بعهده - وهو عهدهم مع الناس - في الدنيا .

ونجد هنا أن القرآن قد سلك طريقة التصوير في التعبير . وهو يعبر عن إهمال الله لهم وعدم رعايتهم ، بأنه لا يكلمهم ولا ينظر إليهم ولا يطهرهم . . وهي أعراض الإهمال التي يعرفها الناس . . ومن ثم يتخذها القرآن وسيلة لتصوير الموقف صورة حية تؤثر في الوجدان البشري أعمق مما يؤثر التعبير التجريدي . على طريقة القرآن في ظلاله وإيحاءاته الجميلة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَـٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيۡهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (77)

يقول تعالى : إن الذين يعتاضون{[5205]} عما عهدهم{[5206]} الله عليه ، من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، وذكر{[5207]} صفته الناس وبيان أمره ، وعن أيمانهم الكاذبة الفاجرة الآثمة بالأثمان القليلة الزهيدة ، وهي عروض هذه{[5208]} الدنيا الفانية الزائلة " أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ " أي : لا نصيب لهم فيها ، ولا حظ لهم منها " وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " أي : برحمة{[5209]} منه لهم ، بمعنى : لا يكلمهم كلام لطف بهم ، ولا ينظر إليهم بعين الرحمة " وَلا يُزَكِّيهِمْ " أي : من الذنوب والأدناس ، بل يأمر بهم إلى النار " وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " وقد وردت أحاديث تتعلق بهذه الآية الكريمة فلنذكر ما تيسر منها :

الحديث الأول : قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا شعبة قال : علي بن مُدْرِك أخْبرَني قال : سمعت أبا زُرْعَة ، عن خَرَشة{[5210]} بن الحُر ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثَلاثَة لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " قلت : يا رسول الله ، من هم ؟ خابوا وخسروا . قال : وأعاده رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]{[5211]} ثلاث مرات قال : " المُسْبِل ، والمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكاذِبِ ، والمنانُ " . {[5212]} ورواه مسلم ، وأهل السنن ، من حديث شعبة ، به .

طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا إسماعيل ، عن الحُرَيري ، عن أبي العلاء بن الشِّخِّير ، عن أبي الأحْمَس{[5213]} قال : لقيتُ أبا ذر ، فقلتُ له : بلغني عنك أنك تُحدِّث حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : أما إنه لا تَخَالُني أكذبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما سمعته منه ، فما الذي بلغك عني ؟ قلتُ : بلغني أنك تقول : ثلاثة يحبهم الله ، وثلاثة يَشْنَؤهم الله عز وجل . قال : قلته وسمعته . قلت : فمن هؤلاء الذين يحبهم الله ؟ قال : الرجل يلقى العدوّ في فئة فينصب لهم نَحْرَه حتى يقتل أو يفتح لأصحابه . والقومُ يسافرون فيطول سراهم حتى يَحنُّوا أن يمسوا{[5214]} الأرض فينزلون ، فيتنحى أحدهم فيصلي حتى يوقظهم لرحيلهم . والرجلُ يكون له الجار يؤذيه{[5215]} فيصبر على أذاهُ حتى يفرق بينهما موت{[5216]} أو ظَعْن . قلت : ومن هؤلاء الذين يشنأ{[5217]} الله ؟ قال : التاجر الحلاف - أو{[5218]} البائع الحلاف - والفقير المختال ، والبخيل المنان{[5219]} غريب من هذا الوجه{[5220]} .

الحديث الثاني : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن جرير بن حازم قال : حدثنا عَدِيّ بن عدي ، أخبرني رجاء بن حَيْوة والعُرْس بن عَمِيرة{[5221]} عن أبيه عَدِي - هَو ابن عميرة الكندي - قال : خاصم رجل من كِنْدةَ يقال له : امرؤ القيس بن عابس{[5222]} رَجلا من حَضْرمَوْت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض ، فقضى على الحضرمي بالبينة ، فلم يكن{[5223]} له بينة ، فقضى على امرئ القيس باليمين . فقال الحضرمي : إن أمكنته من اليمين يا رسول الله ذهبتْ ورب{[5224]} الكعبة أرضي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

" مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ لِيقتطِعَ بِهَا مَال أحَد لَقِيَ الله عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ " قال رجاء : وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا } فقال امرؤ القيس : ماذا لمن تركها يا رسول الله ؟ فقال{[5225]} الجنة " قال : فاشهَدْ أني قد تركتها له كلها . ورواه النسائي من حديث عدي بن عدي ، به{[5226]} .

الحديث الثالث : قال أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن شَقيق ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ حَلَفَ عَلَى يمين هو فيها فَاجِر ، لِيقْتَطِعَ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ ، لَقِيَ الله عَزَّ وجَلَّ وَهُوَ عَليْهِ غَضْبَانُ "

فقال{[5227]} الأشعث : فيّ والله كان ذلك ، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجَحَدني ، فقدَّمته إلى رسول{[5228]} الله صلى الله عليه وسلم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أَلَكَ بَيَّنة ؟ " قلتُ : لا ، فقال لليهودي : " احْلِفْ " فقلتُ : يا رسول الله ، إذا يحلف فيذهب مالي . فأنزل الله عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا } [ إلى آخر ]{[5229]} الآية : أخرجاه من حديث الأعمش{[5230]} .

طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا أبو بكر بن عَيَّاش ، عن عاصم بن أبي النَّجُود ، عن شَقِيق بن سلمة ، حدثنا عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امرئ مسلمٍ بغير حَقٍّ لَقِيَ الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان " قال : فجاء الأشْعث بن قَيْس فقال : ما يُحدِّثكم أبو عبد الرحمن ؟ فحدثناه ، فقال : فيّ كان{[5231]} هذا الحديث ، خاصمتُ ابن عمٍّ لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئر لي كانت في يده ، فجَحَدني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بَيِّنَتُكَ أنَّها بِئْرُكَ وَإلا فَيَمِينُهُ " قال : قلتُ : يا رسول الله ، ما لي بينة ، وإن تجعلها بيمينه{[5232]} تذهب بئري{[5233]} ؛ إنَّ خَصْمي امرؤ فاجر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امرئ مسلمٍ بغير حَقٍّ لَقِيَ الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان " قال : وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا [ أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ]{[5234]} {[5235]} } .

الحديث الرابع : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن غَيْلان ، حدثنا رشْدين عن زَبّان ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إنَّ لله تَعَالى عِبَادًا لا يُكَلِّمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلا يَنْظُرُ إلَيهِمْ " قيل : ومن أولئك يا رسول الله ؟ قال : " مُتَبَرِّئٌ مَنْ وَالِدَيهِ رَاغِبٌ عَنْهُمَا ، ومُتَبَرِّئٌ مِنْ وَلَدِهِ ، وَرَجُلٌ أنْعَمَ عَلِيْهِ قَوْمٌ فكَفَر نعْمَتَهُمْ وتَبَرَّأ مِنْهُمْ " {[5236]} .

الحديث الخامس : قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا هُشَيْم ، أنبأنا العوّام - يَعني ابن حَوْشَبَ - عن إبراهيم بن عبد الرحمن - يعني السَّكْسَكي - عن عبد الله بن أبي أوْفَى : أن رجلا أقام سلعة له في السوق ، فحلف بالله لقد أعْطَى بها ما لم يُعْطه ، ليُوقع فيها رجلا من المسلمين ، فنزلت هذه الآية : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا } ورواه البخاري ، من غير وجه ، عن العوام{[5237]} .

الحديث السادس : قال الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ ، وَلا يُزَكِّيهِمْ ولَهم عذابٌ أليم : رَجُلٌ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ فَضْلَ مَاءٍ عِنْدَهُ ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ - يَعْنِي كَاذِبًا - وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا ، فَإِنْ أَعْطَاهُ وَفَى لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَفِ لَهُ " . ورواه أبو داود ، والترمذي ، من حديث وكيع ، وقال الترمذي : حسن صحيح{[5238]} .


[5205]:في جـ: "يقاضون".
[5206]:في ر، أ، و: "عاهدتم".
[5207]:في جـ: "فذكر".
[5208]:في أ، و: "عروض الحياة هذه الدنيا".
[5209]:في أ: "برحمته".
[5210]:في ر، أ: " حرسه".
[5211]:زيادة من جـ، ر، أ، و.
[5212]:المسند (5/148) وصحيح مسلم برقم (106) وأبو داود في السنن برقم (4087، 4088) والترمذي في السنن برقم (1211) والنسائي في السنن (5/81) وابن ماجه في السنن برقم (2208).
[5213]:في ر: "الأخفش".
[5214]:في جـ، ر: "يحبوا أن يمشوا".
[5215]:في ر: "يؤذيه جوره"، وفي أ، و: "يؤذيه جواره".
[5216]:في جـ، ر: "الموت".
[5217]:في جـ، ر، أ: "يشنأهم".
[5218]:في أ، و: "أو قال".
[5219]:في ر: "المنام".
[5220]:المسند (5/151).
[5221]:في أ: "عمير".
[5222]:في جـ، ر، أ، و: "بن عامر" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من المسند للإمام أحمد (4/191).
[5223]:في و: "تكن".
[5224]:في ر: "أو رب".
[5225]:في أ: "قال".
[5226]:المسند (4/191) والنسائي في السنن الكبرى برقم (5996).
[5227]:في جـ،: "قال".
[5228]:في ر: "النبي".
[5229]:زيادة من جـ، ر، أ، و.
[5230]:المسند (5/211) والبخاري في صحيحه برقم (2673).
[5231]:في جـ: "كان في".
[5232]:في جـ، ر: "يمينه".
[5233]:في جـ: "فذهب ببئر"، وفي ر: "يذهب بئري".
[5234]:زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
[5235]:المسند (5/12).
[5236]:المسند (3/440).
[5237]:تفسير ابن أبي حاتم (2/355) وصحيح البخاري برقم (4551).
[5238]:المسند (2/480) وسنن أبي داود برقم (3474) وسنن الترمذي برقم (1595).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَـٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيۡهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (77)

{ إن الذين يشترون } يستبدلون . { بعهد الله } بما عاهدوا الله عليه من الإيمان بالرسول والوفاء بالأمانات . و{ أيمانهم } وبما حلفوا به من قولهم والله لنؤمنن به ولننصرنه ، { ثمنا قليلا } متاع الدنيا . { أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله } بما يسرهم أو بشيء أصلا ، وأن الملائكة يسألونهم يوم القيامة ، أو لا ينتفعون بكلمات الله وآياته ، والظاهر أنه كناية عن غضبه عليهم لقوله : { ولا ينظر إليهم يوم القيامة } فإن من سخط على غيره واستهان به أعرض عنه وعن التكلم معه والالتفات نحوه ، كما أن من اعتد بغيره يقاوله ويكثر النظر إليه . { ولا يزكيهم } ولا يثني عليهم { ولهم عذاب أليم } على ما فعلوه . قيل : إنها نزلت في أحبار حرفوا التوراة وبدلوا نعت محمد صلى الله عليه وسلم وحكم الأمانات وغيرهما وأخذوا على ذلك رشوة . وقيل : نزلت في رجل أقام سلعة في السوق فحلف لقد اشتراها بما لم يشترها به . وقيل : نزلت في ترافع كان بين الأشعث بن قيس ويهودي في بئر أو أرض وتوجهه الحلف على اليهودي .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَـٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيۡهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (77)

مناسبة هذه الآية لما قبلها أنّ في خيانة الأمانة إبطالاً للعهد ، وللحلف الذي بينهم ، وبين المسلمين ، وقريشٍ . والكلامُ استئناف قصد منه ذكر الخُلق الجامع لشتات مساوىء أهل الكتاب من اليهود ، دعا إليه قوله وَدّت طائفة من أهل الكتاب وما بعده .

وقد جرت أمثال هذه الأوصاف على اليهود مفرّقة في سورة البقرة ( 40 ) : { أوفوا بعهدي } ، { ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً } [ البقرة : 41 ] . { ماله في الآخرة من خلاق } [ البقرة : 102 ] . { ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزيكهم } [ البرة : 174 ] . فعلمنا أنهم المراد بذلك هنا . وقد بينا هنالك وجه تسمية دينهم بالعهد وبالميثاق ، في مواضع ، لأنّ موسى عاهدهم على العمل به ، وبينا معاني هذه الأوصاف والأخبار .

ومعنى { ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة } غَضَبُه عليهم إذ قد شاع نفي الكلام في الكناية عن الغضب ، وشاع استعمال النظر في الإقبال والعناية ، ونفي النظر في الغَضب فالنظر المنفي هنا نظر خاص . وهاتان الكنايتان يجوز معهما إرادة المعنى الحقيقي .

وقوله : { ولا يزكيهم } أي لا يطهرهم من الذنوب ولا يقلعون عن آثامهم ، لأنّ من بلغ من رقّة الديانة إلى حدّ أن يشتري بعهد الله وأيمانه ثمناً قليلاً ، فقد بلغ الغَاية القصوى في الجُرْأة على الله ، فكيف يُرجى له صلاح بعد ذلك ، ويحتمل أن يكون المعنى ولا يُنْميهم أي لا يكثر حظوظهم في الخيْرات .

وفي مجيء هذا الوعيد ، عقب الصلة ، وهي يشترون بعهد الله الآية ، إيذان بأنّ من شابههم في هذه الصفات فهو لاَحِقٌ بهم ، حتى ظنّ بعض السلف أنّ هذه الآية نزلت فيمن حلَف يميناً باطلة ، وكلّ يظنّ أنها نزلت فيما يَعرفه من قصةِ يَمين فاجرة ، ففي « البخاري » ، عن أبي وائِل ، عن عبد الله بن مسعود ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حلف يمين صبر ليقتطع بها مال امرىء مسلم لقي الله وهو عليه غضبان " فأنزل الله تصديق ذلك : { إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم } الآية فدخل الأشعث بن قيس وقال : « ما يحدثكم أبو عبد الرحمان » قلنا : كذا وكذا . قال : « فيّ أنزلت كانت لي بئر في أرض ابن عم لي » فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بينتك أو يمينه قلت : إذن يحلف فقال رسول الله : من حَلف على يمين صبر الحديث .

وفي « البخاري » ، عن عبد الله بن أبي أوفى : أنّ رجلاً أقام سلعة في السوق فحلف لقد أعطي بها ما لم يُعْطَه ليُوقع فيها رجلاً من المسلمين فنزلت : { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً } الآية .

وفيه عن ابن عباس أنه قرأ هاته الآية في قصّة وجبت فيها يمين لِردّ دعوى .