جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَـٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيۡهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (77)

{ إن الذين يشترون{[734]} بعهد الله } : يستبدلون بما عاهدوا من الإيمان برسله ، { وأيمانهم } ، وبما حلفوا من قولهم : والله لنؤمنن به ، ولننصرنه ، { ثمناً قليلا } : من الدنيا رشوة في تحريف التوراة ، وتبديل نعت محمد عليه الصلاة والسلام ، { أولئك لا خلاق } : لا نصيب ، { لهم في الآخرة ولا يكلّمهم الله } : بما يسرهم ، { ولا ينظر إليهم } : نظر رحمة { يوم القيامة ولا يزكّيهم } : ولا يثنى عليهم أو لا يطهرهم من الذنوب ،

{ ولهم عذاب أليم } فعلى هذه الآية في اليهود أو نزلت{[735]} في ترافع بين صحابي ويهودي في أرض فتوجه الحلف على اليهودي ، أو في رجل أقام سلعة في سوق فحلف لقد أعطى بها ما لم يعطه ليوقع فيها أحدا من المسلمين{[736]} .


[734]:واعلم أن هذه الآية دالة على تعظيم أمر الوفاء بالعهد؛ وذلك لأن الطاعات محصورة في أمرين: التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله، فالوفاء بالعهد مشتمل عليهما معا؛ لأن ذلك سبب لمنفعة الخلق فهو شفقة على خلق الله، ولما أمر الله به كان الوفاء به تعظيما لأمر الله؛ فثبت أن هذه العبارة مشتملة على جميع أنواع الطاعات، والوفاء بالعهد كما يمكن في حق الغير يمكن أيضا في حق النفس، لأن الوافي بعهد النفس هو الآتي بالطاعة والتارك للمحرمات؛ لأن عند ذلك تفوز النفس بالثواب وتبعد عن العقاب/12 كبير.
[735]:رواه البخاري عن العوام وابن أبي حاتم عن عبد الله بن أبي أوفى/12 [أخرجه البخاري في (الأيمان والنذور) (6676)، وفي مواضع كثيرة من صحيحه، وكذا أخرجه مسلم في (الأيمان) عن ابن مسعود] وليس عن أبي أوفى.
[736]:أخرجه البخاري في (الشهادات) (2675)، وفي غير موضع من صحيحه عن ابن أبي أوفى.