المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُلۡ إِن تُخۡفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (29)

29- قل - يا أيها النبي - إن تخفوا ما في صدوركم أو تظهروه في أعمالكم وأقوالكم فإن الله يعلمه ، ويعلم جميع ما في السماوات وما في الأرض ما ظهر منه وما استتر ، وقدرته نافذة في جميع خلقه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ إِن تُخۡفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (29)

ثم أخبر عن سعة علمه لما في النفوس خصوصا ، ولما في السماء والأرض عموما ، وعن كمال قدرته ، ففيه إرشاد إلى تطهير القلوب واستحضار علم الله كل وقت فيستحي العبد من ربه أن يرى قلبه محلا لكل فكر رديء ، بل يشغل أفكاره فيما يقرب إلى الله من تدبر آية من كتاب ، أو سنة من أحاديث رسول الله ، أو تصور وبحث في علم ينفعه ، أو تفكر في مخلوقات الله ونعمه ، أو نصح لعباد الله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِن تُخۡفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (29)

18

ثم يتابع السياق التحذير ولمس القلوب ، وإشعارها أن عين الله عليها ، وأن علم الله يتابعها :

( قل : إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ، ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير ) . .

وهو إمعان في التحذير والتهديد ، واستجاشة الخشية واتقاء التعرض للنقمة التي يساندها العلم والقدرة ، فلا ملجأ منها ولا نصرة !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ إِن تُخۡفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (29)

يخبر تبارك وتعالى عباده أنه يعلم السرائر والضمائر والظواهر ، وأنه لا يخفى عليه منهم خافية ، بل علمه محيط بهم في سائر الأحوال والآنات واللحظات وجميع الأوقات ، وبجميع ما في السموات والأرض ، لا يغيب عنه مثقال ذرة ، ولا أصغر من ذلك في جميع أقطار الأرض والبحار والجبال ، وهو { عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي : قدرته{[4941]} نافذة في جميع ذلك .

وهذا تنبيه منه لعباده على خوفه وخشيته ، وألا يرتكبوا ما نهى عنه وما يَبْغضه منهم ، فإنه عالم بجميع أمورهم ، وهو قادر على معاجلتهم بالعقوبة ، وإنْ أنظر من أنظر منهم ، فإنه يمهل ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر ؛ ولهذا قال بعد هذا : { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا

[ وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ] {[4942]} } الآية .


[4941]:في جـ، ر، أ، و: "وقدرته".
[4942]:زيادة من جـ، ر، أ، و.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ إِن تُخۡفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (29)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

يعني بذلك جلّ ثناؤه : قل يا محمد للذين أمرتهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، إن تخفوا ما في صدوركم من موالاة الكفار فتسرّوه ، أو تبدوا ذلكم من أنفسكم بألسنتكم وأفعالكم ، فتظهروه يعلمه الله فلا يخفى عليه¹ يقول : فلا تضمروا لهم مودّة ، ولا تظهروا لهم موالاة ، فينالكم من عقوبة ربكم ما لا طاقة لكم به ، لأنه يعلم سركم وعلانيتكم ، فلا يخفى عليه شيء منه ، وهو محصيه عليكم حتى يجازيكم عليه بالإحسان إحسانا ، وبالسيئة مثلها . كما :

حدثني موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي ، قال : أخبرهم أنه يعلم ما أسرّوا من ذلك وما أعلنوا ، فقال : { إِنْ تُخْفُوا ما في صُدُورِكُمْ أوْ تُبْدُوهُ } .

وأما قوله : { وَيَعْلَمُ مَا فِي السّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ } فإنه يعني أنه إذ كان لا يخفى عليه شيء هو في سماء أو أرض أو حيث كان ، فكيف يخفى عليه أيها القوم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، ما في صدوركم من الميل إليهم بالمودّة والمحبة ، أو ما تبدونه لهم بالمعونة فعلاً وقولاً .

وأما قوله : { وَاللّهُ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فإنه يعني : والله قدير على معاجلتكم بالعقوبة على موالاتكم إياهم ، ومظاهرتكموهم على المؤمنين ، وعلى ما يشاء من الأمور كلها ، لا يتعذّر عليه شيء أراده ، ولا يمتنع عليه شيء طلبه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ إِن تُخۡفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (29)

انتقال من التحذير المجمل إلى ضرب من ضروب تفصيله ، وهو إشعار المحذّر باطّلاع الله على ما يخفونه من الأمر .

وذكر الصدور هنا والمراد البواطن والضمائر : جرياً على معروف اللغة من إضافة الخواطر النفسية إلى الصدر والقلب ، لأنّ الانفعالات النفسانية وتردّدات التفكّر ونوايا النفوس كلّها يشعر لها بحركات في الصدور .

وزاد أو تُبدوه فأفاد تعميم العلم تعليماً لهم بسعة علم الله تعالى لأنّ مقام إثبات صفات الله تعالى يقتضي الإيضاح .

وجملة { ويعلم ما في السماوات وما في الأرض } معطوفة على جملة الشرط فهي معمولة لفعل قل ، وليست معطوفة على جواب الشرط : لأنّ علم الله بما في السماوات وما في الأرض ثابت مطلقاً غير معلّق على إخفاء ما في نفوسهم وإبدائه وما في الجملة من التعميم يجعلها في قوة التذييل .

وقوله : { والله على كل شيء قدير } إعلام بأنّه مع العلم ذو قدرة على كلّ شيء ، وهذا من التهديد ؛ إذ المهدِّد لا يحول بينه وبين تحقيق وعيده إلاّ أحد أمرين : الجهل بجريمة المجرم ، أو العجز عنه ، فلما أعلمهم بعموم علمه ، وعموم قدرته ، علموا أنّ الله لا يفلتهم من عقابه .

وإظهار اسم الله دون ضميره فلم يقل وهو على كل شيء قدير : لتكون الجملة مستقلة فتجري مجرى المثل ، والجملة لها معنى التذييل . والخطاب للمؤمنين تبعاً لقوله : { لا يتّخذ المؤمنون الكافرين } [ آل عمران : 28 ] الآية .