المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

65- فهو سُبحانه الخالق المالك للسموات والأرض وما بينهما ، والمدبر لشؤونهما ، والمستحق - وحده - للعبادة ، فاعبده - أيها المخاطب - وثابر علي عبادته صابراً مطمئناً ، فهو سبحانه المستحق - وحده - للعبادة ، وليس له نظير يستحق العبادة ، أو يسمى باسم من أسمائه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

ثم علل إحاطة علمه ، وعدم نسيانه ، بأنه { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } فربوبيته للسماوات والأرض ، وكونهما على أحسن نظام وأكمله ، ليس فيه غفلة ولا إهمال ، ولا سدى ، ولا باطل ، برهان قاطع على علمه الشامل ، فلا تشغل نفسك بذلك ، بل اشغلها بما ينفعك ويعود عليك طائله ، وهو : عبادته وحده لا شريك له ، { وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } أي : اصبر نفسك عليها وجاهدها ، وقم عليها أتم القيام وأكملها بحسب قدرتك ، وفي الاشتغال بعبادة الله تسلية للعابد عن جميع التعلقات والمشتهيات ، كما قال تعالى : { وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } إلى أن قال : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا } الآية . { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } أي : هل تعلم لله مساميا ومشابها ومماثلا من المخلوقين . وهذا استفهام بمعنى النفي ، المعلوم بالعقل . أي : لا تعلم له مساميا ولا مشابها ، لأنه الرب ، وغيره مربوب ، الخالق ، وغيره مخلوق ، الغني من جميع الوجوه ، وغيره فقير بالذات من كل وجه ، الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه ، وغيره ناقص ليس فيه من الكمال إلا ما أعطاه الله تعالى ، فهذا برهان قاطع على أن الله هو المستحق لإفراده بالعبودية ، وأن عبادته حق ، وعبادة ما سواه باطل ، فلهذا أمر بعبادته وحده ، والاصطبار لها ، وعلل ذلك بكماله وانفراده بالعظمة والأسماء الحسنى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

( رب السماوات والأرض وما بينهما ) . . فلا ربوبية لغيره ، ولا شرك معه في هذا الكون الكبير .

( فاعبده واصطبر لعبادته ) . . اعبده واصطبر على تكاليف العبادة . وهي تكاليف الارتقاء إلى أفق المثول بين يدي المعبود ، والثبات في هذا المرتقى العالي . اعبده واحشد نفسك وعبى ء طاقتك للقاء والتلقي في ذلك الأفق العلوي . . إنها مشقة . مشقة التجمع والاحتشاد والتجرد من كل شاغل ، ومن كل هاتف ومن كل التفات . . وإنها مع المشقة للذة لا يعرفها إلا من ذاق . ولكنها لا تنال إلا بتلك المشقة ، وإلا بالتجرد لها ، والاستغراق فيها ، والتحفز لها بكل جارحة وخالجة . فهي لا تفشي سرها ولا تمنح عطرها إلا لمن يتجرد لها ، ويفتح منافذ حسه وقلبه جميعا .

( فاعبده واصطبر لعبادته ) . . والعبادة في الإسلام ليست مجرد الشعائر . إنما هي كل نشاط : كل حركة . كل خالجة . كل نية . كل اتجاه . وإنها لمشقة أن يتجه الإنسان في هذا كله إلى الله وحده دون سواه . مشقة تحتاج إلى الاصطبار . ليتوجه القلب في كل نشاط من نشاط الأرض إلى السماء . خالصا من أوشاب الأرض وأوهاق الضرورات ، وشهوات النفس ، ومواضعات الحياة .

إنه منهج حياة كامل ، يعيش الإنسان وفقه ، وهو يستشعر في كل صغيرة وكبيرة طوال الحياة أنه يتعبد الله ؛ فيرتفع في نشاطه كله إلى أفق العبادة الطاهر الوضيء . وإنه لمنهج يحتاج إلى الصبر والجهد والمعاناة .

فاعبده واصطبر لعبادته . . فهو الواحد الذي يعبد في هذا الوجود والذي تتجه إليه الفطر والقلوب . . ( هل تعلم له سميا ? ) . هل تعرف له نظيرا ? تعالى الله عن السمي والنظير . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

وقوله : { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } [ أي : خالق ذلك ومدبره ، والحاكم فيه والمتصرف الذي لا معقب لحكمه ، { فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ]{[19011]} هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هل تعلم للرب مثلا أو شبها .

وكذلك قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وابن جريج وغيرهم .

وقال عكرمة ، عن ابن عباس : ليس أحد يسمى الرحمن غيره تبارك وتعالى ، وتقدس اسمه .


[19011]:زيادة من ت، ف، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

القول في تأويل قوله تعالى : { رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } .

يقول تعالى ذكره : لم يكن ربك يا محمد ربّ السموات والأرض وما بينهما نسيا ، لأنه لو كان نسيا لم يستقم ذلك ، ولهلك لولا حفظه إياه ، فالربّ مرفوع ردّا على قوله رَبّكَ .

وقوله : فاعْبُدْه يقول : فالزم طاعته ، وذلّ لأمره ونهيه وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ يقول : واصبر نفسك على النفوذ لأمره ونهيه ، والعمل بطاعته ، تفز برضاه عنك ، فإنه الإله الذي لا مثل له ولا عدل ولا شبيه في جوده وكرمه وفضله هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا يقول : هل تعلم يا محمد لربك هذا الذي أمرناك بعبادته ، والصبر على طاعته مثلاً في كرمه وجوده ، فتعبده رجاء فضله وطوله دونه ؟ كلا ، ما ذلك بموجود . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا يقول : هل تعلم للربّ مثلاً أو شبيها .

حدثني سعيد بن عثمان التنوخي ، قال : حدثنا إبراهيم بن مهدي ، عن عباد بن عوّام ، عن شعبة ، عن الحسن بن عمارة ، عن رجل ، عن ابن عباس ، في قوله هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا قال : شبيها .

حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الأعمش ، عن مجاهد في هذه الاَية هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا قال : هل تعلم له شبيها ، هل تعلم له مثلاً تبارك وتعالى .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا لا سميّ لله ولا عِدل له ، كلّ خلقه يقرّ له ، ويعترف أنه خالقه ، ويعرف ذلك ، ثم يقرأ هذه الاَية : وَلَئِنْ سألْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنّ اللّهُ .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا قال : يقول : لا شريك له ولا مثل .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

وقوله :

{ رب السماوات والأرض وما بينهما } بيان لامتناع النسيان عليه ، وهو خبر محذوف أو بدل من { ربك } { فاعبده واصطبر لعبادته } خطاب للرسول صلى الله عليه ، وسلم مرتب عليه أي لما عرفت ربك لأنه لا ينبغي له أن ينساك ، أو أعمال العمال فأقبل على عبادته واصطبر عليها ولا تتشوش بإبطاء الوحي وهزء الكفر ، وإنما عدي باللام لتضمنه معنى الثبات للعبادة فيما يورد عليه من الشدائد والمشاق كقولك للمحارب اصطبر لقرنك . { هل تعلم له سميا } مثلا يستحق أن يسمى إلها أو أحدا سمي الله فإن المشركين وإن سموا الصنم إلها لم يسموه الله قط ، وذلك لظهور أحديته تعالى ، وتعالى ذاته عن المماثلة بحيث لم يقبل اللبس والمكابرة وهو تقرير للأمر أي إذا صح أن لا أحد مثله ولا يستحق العبادة غيره لم يكن بد من التسليم لأمره والاشتغال بعبادته والاصطبار على مشاقها .