وقوله : ثُمّ يَطْمَعُ أنْ أزِيدَ يقول تعالى ذكره : ثم يأمل ويرجو أن أزيده من المال والولد على ما أعطيته كَلاّ يقول : ليس ذلك كما يأمل ويرجو من أن أزيده مالاً وولدا ، وتمهيدا في الدنيا إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنِيدا يقول : إن هذا الذي خلقته وحيدا كان لاَياتنا ، وهي حجج الله على خلقه من الكتب والرسل عنيدا ، يعني معاندا للحقّ مجانبا له ، كالبعير العنود ومنه قول القائل :
إذَا نَزَلْتُ فاجْعَلانِي وَسَطا *** إنّي كَبِيرٌ لا أُطِيقُ العُنّدَا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنيدا قال : جحودا .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنِيدا قال محمد بن عمرو : معاندا لها . وقال الحارث : معاندا عنها ، مجانبا لها .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن مجاهد ، قوله عَنِيدا قال : معاندا للحقّ مجانبا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنِيدا كفورا بآيات الله جحودا بها .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان لاَياتِنا عنِيدا قال : مشاقا ، وقيل : عنيدا ، وهو من عاند معاندة فهو معاند ، كما قيل : عام قابل ، وإنما هو مقبل .
وقوله تعالى : { كلا } زجر ورد على أمنية هذا المذكور ، ثم أخبر عنه أنه كان معانداً مخالفاً لآيات الله و عبره{[11422]} ، يقال بعير عنود للذي يمشي مخالفاً للإبل . ويحتمل أن يريد بالآيات آيات القرآن وهو الأصح في التأويل سبب كلام الوليد في القرآن بأنه سحر .
يجوز أن تكون هذه الجملة تعليلاً للردع والإِبطال ، أي لأن شدة معاندته لآياتنا كانت كفراناً للنعمة فكانت سبباً لقطعها عنه إذ قد تجاوز حدّ الكفر إلى المناواة والمعاندة فإن الكافر يكون منعماً عليه على المختار وهو قول الماتريدي والمعتزلة خلافاً للأشعري ، واختار المحقّقون أنه خلاف لفظي .
ويجوز أن تكون مستأنفة ويكون الوقف عند قوله تعالى : { كلاّ } .
والعنيد : الشديد العناد وهو المخالفة للصواب وهو فَعيل من : عَنَدَ يعنِد كضرب ، إذا نازع وجادل الحق البين .
وعناده : هو محاولته الطعن في القرآن وتحيله للتمويه بأنه سحر ، أو شعر ، أو كلام كهانة ، مع تحققه بأنه ليس في شيء من ذلك كما أعلن به لقريش ، قبل أن يلومَه أبو جهل ثم أخذه بأحد تلك الثلاثة ، وهو أن يقول : هو سحر ، تشبثاً بأن فيه خصائص السحر من التفريق بين المرء ومن هو شديد الصلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.