مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{كَلَّآۖ إِنَّهُۥ كَانَ لِأٓيَٰتِنَا عَنِيدٗا} (16)

قوله تعالى : { كلا } وهو ردع له عن ذلك الطمع الفاسد قال المفسرون ولم يزل الوليد في نقصان بعد قوله : { كلا } حتى افتقر ومات فقيرا .

قوله تعالى : { إنه كان لآياتنا عنيدا } إنه تعليل للردع على وجه الاستئناف كأن قائلا قال : لم لا يزاد ؟ فقيل : لأنه كان لآياتنا عنيدا والعنيد في معنى المعاند كالجليس والأكيل والعشير ، وفي هذه الآية إشارة إلى أمور كثيرة من صفاته ( أحدها ) أنه كان معاندا في جميع الدلائل الدالة على التوحيد والعدل والقدرة وصحة النبوة وصحة البعث ، وكان هو منازعا في الكل منكرا للكل ( وثانيها ) أن كفره كان كفر عناد كان يعرف هذه الأشياء بقلبه إلا أنه كان ينكرها بلسانه وكفر المعاند أفحش أنواع الكفر ( وثالثها ) أن قوله : { إنه كان لآياتنا عنيدا } يدل على أنه من قديم الزمان كان على هذه الحرفة والصنعة ( ورابعها ) أن قوله : { إنه كان لآياتنا عنيدا } يفيد أن تلك المعاندة كانت منه مختصة بآيات الله تعالى وبيناته ، فإن تقديره : إنه كان لآياتنا عنيدا لا لآيات غيرنا ، فتخصيصه هذا العناد بآيات الله مع كونه تاركا للعناد في سائر الأشياء يدل على غاية الخسران .