السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كَلَّآۖ إِنَّهُۥ كَانَ لِأٓيَٰتِنَا عَنِيدٗا} (16)

وكان الوليد يقول : إن كان محمد صادقاً فما خلقت الجنة إلا لي ، فقال الله تعالى ردًّا عليه وتكذيباً له { كلا } أي : وعزتنا وجلالنا لا تكون له زيادة على ذلك أصلاً ، وأمّا النقصان فسيرى إن استمرّ على تكذيبه فليرتدع عن هذا الطمع ولينزجر وليرتجع ، فإنه حمق محض وزخرف بحت وغرور صرف ، قالوا : فما زال الوليد بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله وولده حتى هلك فقيراً .

تنبيه : كلا قطع للرجاء عما كان يطمع فيه من الزيادة فيكون متصلاً بالكلام الأوّل وقيل : كلا بمعنى حقاً .

ويبتدأ بقوله تعالى { إنه } أي : هذا الموصوف { كان } أي : بخلق كأنه جبلة له وطبع لا يقدر على الانفكاك عنه { لآياتنا } على ما لها من العظمة خاصة لكونها هادية إلى الوحدانية لا إلى غيرها من الشبه القائدة إلى الشرك { عنيداً } قال قتادة : أي : جاحداً . وقال مقاتل : معرضاً . وقال مجاهد : إنه المجانب للحق . وجمع العنيد عند ، مثل رغيف ورغف والعنيد بمعنى المعاند ، والعناد كما قال الملوي من كبر في النفس ويبس في الطبع وشراسة في الأخلاق أو خبل في العقل ، وقد جمع ذلك كله إبليس لعنه الله تعالى لأنه خلق من نار وهي من طبعها اليبوسة وعدم الطواعية .

تنبيه : في الآية إشارة إلى أنّ الوليد كان معانداً في أمور كثيرة منها أنه كان يعاند في دلائل التوحيد وصحة النبوّة وصحة البعث ، ومنها أنّ كفره كان عناداً لأنه كان يعرف هذه الأشياء بقلبه وينكرها بلسانه . وكفر العناد أفحش أنواع الكفر ، ومنها أنّ قوله تعالى كان يدل على أنّ هذه حرفته من قديم الزمان .