افتتحت هذه السورة بالإخبار بأن كل ما في السماوات وما في الأرض ينزه الله عما لا يليق بجلاله ، وبأن له الملك وله الحمد ، وأنه على كل شيء قدير ، ثم أتبعت ذلك بذكر بعض الدلائل على تمام قدرته وعلمه ، ثم لفتت الأنظار إلى الذين كفروا من قبل هؤلاء ، وعصوا رسل ربهم ، وأنهم ذاقوا وبال أمرهم وذلك لأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات ، فكفروا بهم وأعرضوا عنهم ، وانتقلت السورة بعد ذلك إلى إبطال زعم الكافرين أنهم لن يبعثوا ، وطلبت من الناس أن يؤمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل عليه ، وحذرتهم يوم الجمع ، يوم يظهر غبن الناس ، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم الفوز العظيم ، والذين كفروا هم أصحاب النار وبئس المصير ، وأن المصائب بإذن الله ، وأن من يؤمن بالله يهد قلبه .
وطلبت من الناس أن يطيعوا الله ورسوله ، فإن أعرضوا فإن الرسول ليس عليه إلا البلاغ ، وأخبرت المؤمنين أن أموالهم وأولادهم فتنة ، فلا تصرفهم العناية بهم عما أمروا به ، ثم أمرتهم أن يتقوا الله ما استطاعوا . وختمت السورة بحضهم على الإنفاق في سبيل الخير ، وأن الله شكور حليم عالم الغيب والشهادة فيجازيهم على أعمالهم ، وأنه عزيز لا يغلب ، حكيم لا يبعث .
1- ينزِّه الله عما لا يليق بجلاله كل ما في السماوات وما في الأرض . له الملك التام - وحده - وله الثناء الجميل ، وهو على كل شيء تام القدرة .
{ 1-4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ * يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }
هذه الآيات [ الكريمات ] ، مشتملات على جملة كثيرة واسعة ، من أوصاف الباري العظيمة ، فذكر كمال ألوهيته تعالى ، وسعة غناه ، وافتقار جميع الخلائق إليه ، وتسبيح من في السماوات والأرض بحمد ربها ، وأن الملك كله لله ، فلا يخرج مخلوق عن ملكه ، والحمد كله له ، حمد على ما له من صفات الكمال ، وحمد على ما أوجده من الأشياء ، وحمد على ما شرعه من الأحكام ، وأسداه من النعم .
القول في تأويل قوله تعالى : { يُسَبّحُ لِلّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
يقول تعالى ذكره : يسجد له ما في السموات السبع وما في الأرض من خلقه ويعظمه .
وقوله : لَهُ المُلْكُ يقول تعالى ذكره : له ملك السموات والأرض وسلطانه ماض قضاؤه في ذلك نافذ فيه أمره .
وقوله : وَلَهُ الحَمْدُ يقول : وله حمد كلّ ما فيها من خلق ، لأن جميع من في ذلك من الخلق لا يعرفون الخير إلا منه ، وليس لهم رازق سواه فله حمد جميعهم وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يقول : وهو على كلّ شيء ذو قدرة ، يقول : يخلق ما يشاء ، ويميت من يشاء ، ويغني من أراد ، ويفقر من يشاء ويعزّ من يشاء ، ويذلّ من يشاء ، لا يتعذرّ عليه شيء أراده ، لأنه ذو القدرة التامة التي لا يعجزه معها شيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.