المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

19 - إنا سلّطنا عليهم ريحاً باردة مدوية في يوم شؤم دائم ، تقلع الناس من أماكنهم ، وترمى بهم على الأرض صرعى ، كأنهم أصول نخل منقلع من مغارسه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

{ تَنْزِعُ النَّاسَ } من شدتها ، فترفعهم إلى جو السماء ، ثم تدفعهم بالأرض فتهلكهم ، فيصبحون { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ } أي : كأن جثثهم بعد هلاكهم مثل جذوع النخل الخاوي الذي أصابته{[933]}  الريح فسقط على الأرض ، فما أهون الخلق على الله إذا عصوا أمره


[933]:- في ب: اقتلعته.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

وقوله : { تَنزِعُ الناس كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } بيان لقوة هذه الريح وشدتها .

والنزع : الإزالة للشىء بعنف ، حتى يزول عن آخره ، وينفصل عما كان متصلا به .

والمراد بالناس : هؤلاء المهلكين من قوم هود - عليه السلام - .

والأعجاز : جمع عجز ، وهو مؤخر الشىء وأسفله . وأعجاز النخل : أصولها التى تقوم عليها . والمارد بها هنا : النخل بتمامه ما عدا الفروع .

وقوله : { مُّنقَعِرٍ } اسم فاعل انقعر ، مطاوع قَعَره أى : بلغ قعره بالحفر ، يقال : قعر فلان البئر إذا بلغ قعرها فى الحفر ، وهو صفة للنخل . أى : أن الريح لشدتها وقوتها ، كانت تقتلعهم من أماكنهم ، وتلقى بهم بعيدا وهم صرعى ، فكأهم وهم ممددون على الأرض هلكى ، أعجاز نخل قد انقلع عن أصوله ، وسقط على الأرض . .

قال ابن كثير : وذلك أن الريح كانت تأتى أحدهم ، فترفعه حتى تغيبه عن الأبصار .

ثم تنكسه على أم رأسه ، فيسقط على الأرض ، فتنخلع رأسه فيبقى جثة بلا رأس ، ولهذا قال : { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } .

فالآية الكريمة فيها ما فيها من التفظيع لما أصابهم من هلاك واستئصال .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى القوم فِيهَا صرعى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

{ تنزع الناس } تقلعهم ، روي أنهم دخلوا في الشعاب والحفر وتمسك بعضهم ببعض فنزعتهم الريح منها وصرعتهم موتى . { كأنهم أعجاز نخل منقعر } أصول نخل منقلع عن مغارسه ساقط على الأرض . وقيل شبهوا بالإعجاز لأن الريح طيرت رؤوسهم وطرحت أجسادهم ، وتذكير { منقعر } للحمل على اللفظ ، والتأنيث في قوله { أعجاز نخل خاوية } للمعنى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

والنزع : الإِزالة بعُنف لئلا يبقى اتصال بين المزال وبين ما كان متصلاً به ، ومنه نزع الثياب .

والأعجاز جمع عَجُز : وهو أسفل الشيء ، وشاع إطلاق العَجُز على آخر الشيء لأنهم يعتبرون الأجسام منتصبة على الأرض فأولاها ما كان إلى السماء وآخرها ما يلي الأرض .

وأطلقت الأعجاز هنا على أصول النخل لأن أصل الشجرة هو في آخرها مما يلي الأرض .

وشبه الناس المطروحون على الأرض بأصول النخيل المقطوعة التي تقلع من منابتها لموتها إذ تزول فروعها ويتحاتّ ورقها فلا تبقى إلا الجذوع الأصلية فلذلك سميت أعجازاً .

و { منقعر } : اسم فاعل انقعر مطاوع قَعره ، أي بلغ قَعْره بالحفر يقال : قَعَرَ البئرَ إذا انتهى إلى عمقها ، أي كأنهم أعجاز نخل قعرت دواخله وذلك يحصل لعُود النخل إذا طال مكثه مطروحاً .

ومنقعر : وصف النخل ، روعي في إفراده وتذكيره صورة لفظ نخل دون عدد مدلوله خلافاً لما في قوله تعالى : { كأنهم أعجاز نخل خاوية } [ الحاقة : 7 ] وقوله : { والنخل ذات الأكمام } [ الرحمن : 11 ]

قال القرطبي : « قال أبو بكر ابن الأنباري سئل المبرد بحضرة إسماعيل القاضي{[403]} عن ألف مسألة من جملتها ، قيل له : ما الفرق بين قوله تعالى : { ولسليمان الريح عاصفة } [ الأنبياء : 81 ] و { جاءتها ريح عاصف } [ يونس : 22 ] وقوله : { أعجاز نخل خاوية } [ الحاقة : 7 ] و { أعجاز نخل منقعر } ؟ فقال كل ما ورد عليك من هذا الباب فإن شئت رددته إلى اللفظ تذكيراً أو إلى المعنى تأنيثاً » اهـ .

وجملة { كأنهم أعجاز نخل منقعر } في موضع الحال من { الناس } ووجه الوصف ب { منقعر } الإِشارة إلى أن الريح صرعتهم صرعاً تفلقت منه بطونهم وتطايرت أمعاؤهم وأفئدتهم فصاروا جثثاً فُرغا . وهذا تفظيع لحالهم ومثلة لهم لتخويف من يراهم .


[403]:- إسماعيل بن إسحاق بن حماد البصري فقيه المالكية بالعراق وقاضي الجماعة ببغداد توفي سنة 282 له أحكام القرآن.