فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

{ تنزع الناس } أوقع الظاهر موضع المضمر ليعم ذكروهم وإناثهم وإلا فالأصل : تنزعهم أي تقلعهم من الأرض من تحت أقدامهم اقتلاع النخلة من أصلها . قال مجاهد : كانت تقلعهم من الأرض فترمي بهم على رؤوسهم فتدق أعناقهم ، وتبين رؤوسهم من أجسادهم ، وقيل : تنزع الناس من البيوت ، وقيل : من قبورهم ، لأنهم حفروا حفائر ، ودخلوها . روي أنهم دخلوا في الشعاب والحفر ، وتمسك بعضهم ببعض ، فنزعتهم الريح منها ، وصرعتهم موتى .

{ كأنهم } وحالهم ما ذكر { أعجاز نخل منقعر } الأعجاز جمع عجز ، وهو مؤخر كل شيء ، وعن ابن عباس قال : أصول النخل ، وعنه إعجاز سواد النخل ، والمنقعر المنقطع المنقلع من أصله ، يقال : قعرت النخلة إذا قطعتها من أصلها حتى تسقط ، شبههم في طول قاماتهم حين صرعتهم الريح وطرحتهم على وجوههم بالنخل الساقط على الأرض التي ليس لها رؤوس وذلك أن الريح قلعت رؤوسهم أولا ثم كبتهم على وجوههم ، وهذا ما جرى عليه الزجاج وغيره ، وفيه إشارة إلى قوتهم وثباتهم في الأرض بأجسامهم ، فكأنهم لعظم أجسامهم وكمال قوتهم ، يقصدون مقاومة الريح لما صرعتهم وألقتهم على الأرض ، فكأنها أقلعت أعجاز نخل منقعر ، وتذكير منقعر مع أنه صفة لأعجاز نخل وهي مؤنثة اعتبارا باللفظ ، ويجوز تأنيثه اعتبارا بالمعنى ، كما قال : { أعجاز نخل خاوية } قال المبرد : كل ما ورد عليك من هذا الباب إن شئت رددته إلى اللفظ تذكيرا أو إلى المعنى تأنيثا ، وقيل : إن النخل والنخيل يذكر ويؤنث .