البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

العجز : مؤخر الشيء .

المنقعر : المنقلع : من أصله ، قعرت الشجرة قعراً : قلعتها من أصلها فانقعرت ، والبئر : نزلت حتى انتهيت إلى قعرها ، والإناء : شربت ما فيه حتى انتهيت إلى قعره ، وأقعرته البئر : جعلت لها قعراً .

{ تنزع الناس } : يجوز أن يكون صفة للريح ، وأن يكون حالاً منها ، لأنها وصفت فقربت من المعرفة .

ويحتمل أن يكون تنزع مستأنفاً ، وجاء الظاهر مكان المضمر ليشمل ذكورهم وإناثهم ، إذ لو عاد بضمير المذكورين ، لتوهم أنه خاص بهم ، أي تقلعهم من أماكنهم .

قال مجاهد : يلقى الرجل على رأسه ، فتفتت رأسه وعنقه وما يلي ذلك من بدنه .

وقيل : كانوا يصطفون آخذي بعضهم بأيدي بعض ، ويدخلون في الشعاب ، ويحفرون الحفر فيندسون فيها ، فتنزعهم وتدق رقابهم .

والجملة التشبيهية حال من الناس ، وهي حال مقدرة .

وقال الطبري : في الكلام حذف تقديره : فتتركهم .

{ كأنهم أعجاز نخل } : فالكاف في موضع نصب بالمحذوف شبههم ، بأعجاز النخل المنقعر ، إذ تساقطوا على الأرض أمواتاً وهم جثث عظام طوال .

والأعجاز : الأصول بلا فروع قد انقلعت من مغارسها .

وقيل : كانت الريح تقطع رؤوسهم ، فتبقى أجساداً بلا رؤوس ، فأشبهت أعجاز النخل التي انقلعت من مغرسها .

وقرأ أبو نهيك : أعجز على وزن أفعل ، نحو ضبع وأضبع .

والنخل اسم جنس يذكر ويؤنث ، وإنما ذكر هنا لمناسبة الفواصل ، وأنث في قوله : { أعجاز نخل خاوية } في الحاقة لمناسبة الفواصل أيضاً .

وقرأ أبو السمال ، فيما ذكر الهذلي في كتابه الكامل ، وأبو عمرو والداني : برفعهما .