الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

ثم قال { تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر } [ 20 ] أي : تقتلع {[66113]} الناس ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتندق رقابهم وتبين من أجسادهم {[66114]} .

قال ابن إسحاق : لما هبت الريح قام سبعة من عاد فقالوا نرد الريح ، فأتوا ضم الشعب {[66115]} الذي منه تأتي الريح ، فوقفوا عليه ، فجعلت الريح تهب وتدخل تحت واحد منهم ثم تقلعه من الأرض فترمي به على رأسه فتندق {[66116]} رقبته ، ففعلت ذلك بستة {[66117]} منهم كما قال الله { كأنهم أعجاز نخل منقعر } {[66118]} ، وبقي {[66119]} رجل اسمه الخلجان ، فأتى هودا فقال يا هود ما هذا الذي أرى في السحاب كهيئة البخاتي {[66120]} ، قال تلك ملائكة ربي ، [ قال مالي إن أسلمت ، قال : تسلم ، قال أفينقذني ربك ربك من هؤلاء ، قال : ويلك أرأيت ملكا ينقد من جنده ] {[66121]} ، فقال وعزته لو فعل ما رضيت ، قال ثم مال إلى جانب الجبل فأخذ بركن منه يهزه ، فاهتز {[66122]} في يده ثم جعل يقول :

ألا لم يبق إلا الخلخال نفسه *** يا لك {[66123]} من يوم دهاني {[66124]} أمسه .

بثابت {[66125]} الوطء شديد أمسه *** لو لم يجئني جئته أجسه {[66126]} .

ثم هبت الريح فحملته ، فألحقته بأصحابه {[66127]} .

( وروي عن أبي هريرة أنه قال أن كان الرجل ليغمز قدميه فيدخل في الأرض ) {[66128]} من قوم عاد ليتخذ المصراعين {[66129]} من حجارة لو اجتمع عليه {[66130]} خمس مائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يحملوه {[66131]} ، وأن كان الرجل ( ليغمز قدميه فتدخل {[66132]} في الأرض ) {[66133]} .

وقوله { تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر } أي : تنزعهم من الحفر التي كانوا حفروها كأنهم أعجاز نخل منقعر .

قال الطبري في الكلام حذف ، والتقدير : تنزع الناس فتتركهم كأنهم أعجاز نخل {[66134]} ، " فالكاف " على هذا في موضع نصب بالمحذوف {[66135]} . وقال الزجاج وغيره " الكاف " في موضع الحال ، أي : تنزع الناس مشبهين/ بأعجاز {[66136]} نخل {[66137]} . ومعنى " منقعر " أي : منقلع من قعره {[66138]} .

( وقال الحسن لما جاءت الريح إلى قوم هود قاموا إليها فاستقبلوها وأخذ بعضهم بيد بعض ) {[66139]} .

( وركزوا أقدامهم في الوادي ، وقالوا الهود من يزيل أقدامنا عن أماكنها إن كنت صادقا ، فأرسل الله عليهم الريح فنزعت أقدامهم كأنهم أعجاز نخل منقعر {[66140]} ) .

قال مجاهد : بانت أجسامهم من رؤوسهم فصاروا أجساما بلا رؤوس {[66141]} .

وقيل التشبيه هنا {[66142]} إنما هو للحفر التي كانوا فيها قياما ، صارت الحفر {[66143]} كأنها أعجاز نخل {[66144]} وهذا قول ضعيف ، ولزم هذا القائل أن يقول " كأنهن " .


[66113]:ع: "تقترع".
[66114]:ع: "بأجسادهم" وانظر: تفسير الغريب 433.
[66115]:ع: "الشعاب".
[66116]:ع: "فتدق".
[66117]:ع: للستة".
[66118]:آية 20 سورة القمر.
[66119]:ع: "بقا".
[66120]:البخاتي: وهي الجمال طوال الأعناق، الواحد: بختي، جمل بختي، وناقة بختية، ويجمع على بخت وبخات، وقيل الجمع بخاتي غير مصروف، ولك أن تخفف الياء، فتقول البخاتي والاتافي والمهاري. انظر: اللسان 1/167.
[66121]:ساقط من ح.
[66122]:ع: "يهتزه".
[66123]:ح: "ملك" وهو تحريف.
[66124]:ع: "دهان".
[66125]:ع: "تثابت الوه" وهو تحريف.
[66126]:ع : "جبينه" وهو تحريف.
[66127]:راجع قصة هلاك قوم عاد في جامع البيان 27/54 وفي تاريخ الأمم والملوك 1/114، وعند ابن كثير في البداية والنهاية 1/128.
[66128]:ساقط من ع.
[66129]:ع: "المسراعين".
[66130]:ح: "عليها".
[66131]:ع: "أن يحملوها في الأرض"
[66132]:ع: "ليعمل قدميه فتدخل".
[66133]:انظر: جامع البيان 27/59، عن أبي هريرة قال: إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراعين من حجارة لو اجتمع عليها خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يحملوها، وإن كان الرجل منهم ليغمز قدميه في الأرض فتدخل في الأرض". وذكره السيوطي في الدر المنثور 7/678.
[66134]:انظر: جامع البيان 27/59.
[66135]:انظر: تفسير القرطبي 17/137.
[66136]:ع: "أعجاز".
[66137]:انظر: معان الزجاج 5/89، و تفسير القرطبي 17/137.
[66138]:انظر: العمدة 289، والكامل للمبرد 3/327.
[66139]:ساقط من ع ئـ.
[66140]:ساقط من ع. وانظر: الدر المنثور 7/678.
[66141]:انظر: تفسير القرطبي 17/136.
[66142]:ع: "هاهنا".
[66143]:ع: "الحفرة".
[66144]:انظر: تفسير القرطبي 17/137.