الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

{ تَنزِعُ النَّاسَ } تقلع الناس ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدقّ رقابهم ، قال ابن إسحاق : لمّا هاجت الريح قام نفر من عاد سبعة يسمى لنا منهم ستّة من أشدّ عاد وأجسمها منهم : عمرو بن الحلي ، والحرث بن شداد والهلقام وابناتيقن ، وخلجان بن سعد فأولجوا العيال في شعب بين جبلين ، ثم اصطفوا على باب الشعب ليردّوا الريح عمن في الشعب من العيال ، فجعلت الريح تخفقهم رجلا رجلا ، فقالت امرأة من عاد :

ذهب الدهر بعمر بن حلي والهنيات *** ثم بالحرث والهلقام طلاع الثنيات

والذي سدّ مهب الريح أيام البليات

وبإسناد أبي حمزة الثمالي قال : حدّثني محمد بن سفيان عن محمد بن قرظة بن كعب عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " انتزعت الريح الناس من قبورهم " .

{ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ } قال ابن عباس : أُصول ، وقال الضحّاك : أوراك . { نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } منقلع من مكانه ، ساقط على الأرض ، وواحد الأعجاز عجز مثل عضد وأعضاد ، وإنّما قال : أعجاز نخل وهي أُصولها التي تقطعت فروعها ، لأن الريح كانت ترمي رؤوسهم من أجسادهم ، فتبقى أجسام بلا رؤوس .

سمعت أبا القاسم الجنيني يقول : سمعت أبا علي الحسين بن أحمد القاضي البيهقي . يقول : سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن القاسم بن سياب الأنباري يقول : سئل المبرّد بحضرة إسماعيل بن إسحاق القاضي عن ألف مسألة هذه من جملتها ، وهو أن السائل قال : ما الفرق بين قوله :

{ جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ } [ يونس : 22 ] و

{ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً } [ الأنبياء : 81 ] و

{ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } [ الحاقة : 7 ] وقوله : و { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } ؟ فقال : كل ما ورد عليك من هذا الباب فلك أن تردّه إلى اللفظ تذكيراً ، ولك أن ترده إلى المعنى تأنيثاً .