الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

و " تَنْزِعُ " في موضع نصبٍ إمَّا نعتاً ل " ريحاً " ، وإمَّا حالاً منها لتخصُّصِها بالصفةِ ويجوزُ أن تكون مستأنفةً . وقال " الناس " لتَضُمَّ ذَكَرهم وأُنثاهم ، فأوقع الظاهر موقعَ المضمرِ لذلك ، وإلاَّ فالأصلُ : تَنْزِعُهم .

قوله : { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ } حالٌ من الناسِ مقدرةً . و " مُنْقَعِر " صفةً ل " نَخْلٍ " باعتبار الجنس ، ولو أَنَّثَ لاعتبر معنى الجماعة ، كقوله { نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } [ الخاقة : 7 ] وقد تقدَّم تحقيق اللغتين فيه ، وإنما ذَكَّر هنا وأَنَّثَ في الحاقةِ مراعاةً للفواصل في الموضعَيْن . وقرأ أبو نهيك " أَعْجُزُ " على وزن أَفْعُل نحو : ضَبُع وأضْبُع ، وقيل : الكاف في موضع نصبٍ بفعل مقدرٍ تقديرُه : فتركهم كأنهم أعجازٌ ، قاله مكي ، ولو جُعِلَ مفعولاً ثانياً على التضمين ، أي : يُصَيِّرهم بالنَّزْع كأنهم ، لكان أقربَ .

والأَعْجاز : جمعُ عَجُزٍ وهو مُؤَخَّرُ الشيءِ ومنه " العَجْزُ " لأنه يُؤَدِّي إلى تأخُّرِ الأمورِ . والمُنْقَعِرُ : المُنْقَلعُ مِنْ أصله ، قَعَرْتُ النخلةَ : قَلَعْتُها مِنْ أصلها فانقَعَرَتْ . وقَعَرْتُ البئر : وصَلْتُ إلى قعرها . وقَعَرْتُ الإِناء : شَربْتُ ما فيه حتى وَصَلْتُ إلى قَعْرِه ، وأَقْعَرْتُ البئر : ، أي : جعلتُ لها قَعْراً ، وقَعَرْتُها : وَصَلْتُ إلى قَعْرها .