{ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ } لجميع المخلوقات { الْبَارِئُ } للمبروءات { الْمُصَوِّرُ } للمصورات ، وهذه الأسماء متعلقة بالخلق والتدبير والتقدير ، وأن ذلك كله قد انفرد الله به ، لم يشاركه فيه مشارك .
{ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } أي : له الأسماء الكثيرة جدا ، التي لا يحصيها ولا يعلمها أحد إلا الله هو ، ومع ذلك ، فكلها حسنى أي : صفات كمال ، بل تدل على أكمل الصفات وأعظمها ، لا نقص في شيء منها بوجه من الوجوه ، ومن حسنها أن الله يحبها ، ويحب من يحبها ، ويحب من عباده أن يدعوه ويسألوه بها .
ومن كماله ، وأن له الأسماء الحسنى ، والصفات العليا ، أن جميع من في السماوات والأرض مفتقرون إليه على الدوام ، يسبحون بحمده ، ويسألونه حوائجهم ، فيعطيهم من فضله وكرمه ما تقتضيه رحمته وحكمته ، { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الذي لا يريد شيئا إلا ويكون ، ولا يكون شيئا إلا لحكمة ومصلحة .
{ هُوَ الله الخالق } لكل شىء الموجد لهذا الكون على مقتضى حكمته .
{ البارىء } أى : المبدع المخترع للأشياء . والمبرز لها من العدم إلى الوجود .
{ المصور } أى : المصور للأشياء والمركب لها ، على هيئات مختلفة ، وأنواع شتى من التصوير ، وهو التخطيط والتشكيل .
{ لَهُ الأسمآء الحسنى } والحسنى تأنيث الأحسن . أى : له الأسماء التى هى أحسن الأسماء لدلالتها على أفضل المعانى . من تحميد . وتقديس . وقدرة . وسمع . . . وغير ذلك من الأسماء الكريمة ، والصفات الجليلة .
{ يُسَبِّحُ لَهُ } - تعالى - وينزهه عن كل سوء { مَا فِي السماوات والأرض } من مخلوقات . . .
{ وَهُوَ العزيز الحكيم } أى : وهو - عز وجل - الغالب لغيره . الحكيم فى كل تصرفاته .
قال الإمام ابن كثير : وفى الصحيحين عن أبى هريرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن لله تسعة وتسعين إسما - مائة إلا واحدا- من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر . . " " .
ثم ذكر - رحمه الله - هذه الأسماء نقلا عن سنن الترمذى فقال : هو الله الذى لا إله إلا هو ، الرحمن الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارىء ، المصور ، الغفار ، القهار ، الوهاب ، الرزاق ، الفتاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلى ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحيكم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحق ، الوكيل ، القوى ، المتين ، الولى ، الحميد ، المحصى ، المبدى ، المعيد ، المحيى ، المميت ، الحى ، القيوم ، الواحد ، الماجد ، الواجد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المؤخر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالى ، المتعالى ، البر ، التواب ، المنتقم ، العفو ، الرءوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المقسط ، الجامع ، الغنى ، المغنى ، المانع ، الضار ، النافع ، النور ، الهادى ، البديع ، الباقى ، الوارث ، الرشيد ، الصبور .
ثم قال الإمام ابن كثير : وسياق ابن ماجه - لهذا الحديث - بزيادة ونقصان ، وتقديم وتأخير .
. . والذى عول عليه جماعة من الحفاظ ، أن سرد الأسماء فى هذا الحديث مدرج فيه - أى : ذكر الراوى فى الحديث كلاما لنفسه أو لغيره من غير فصل بين ألفاظ الحديث وألفاظ الراوى - وأن أهل العم جمعوا هذه الأسماء من القرآن الكريم .
ثم ليعلم أن الأسماء الحسنى ليست منحصرة فى التسعة والتسعين ، بدليل ما رواه الإمام أحمد عن ابن مسعود ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم إنى عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، ناصيتى بيدك ، ماضٍ فىّ حكمك ، عدل فى قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو أعلمته أحداً من خلقك ، أو أنزلته فى كتابك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدرى ، وجلاء حزنى ، وذهاب همى ، إلا أذهب الله همه وحزنه ، وأبدله مكانه فرجا " .
فقيل يا رسول الله ، أفلا نتعلمها ؟ فقال : " بلى ، ينبغى لكل من سمعها أن يتعلمها " وذكر أبو بكر بن العربى أن بعضهم جمع من الكتاب والسنة ألف اسم لله - تعالى - .
{ هو الله الخالق } المقدر للأشياء على مقتضى حكمته ، { البارىء }الموجد لها بريئا من التفاوت ، { المصور } الموجد لصورها وكيفياتها كما أراد ومن أراد الإطناب في شرح هذه الأسماء وأخواتها فعليه بكتابي المسمى بمنتهى المنى ، { له الأسماء الحسنى }لأنها دالة على محاسن المعاني ، { يسبح له ما في السموات والأرض }لتنزهه عن النقائص كلها ، { وهو العزيز الحكيم } الجامع للكمالات بأسرها فإنها راجعة إلى الكمال في القدرة والعلم .
و : { البارئ } بمعنى { الخالق } ، برأ الله الخلق أي أوجدهم ، و : { المصور } هو الذي يوجد الصور ، وقرأ علي بن أبي طالب : «المصوَّرَ » بنصب الواو والراء على إعمال { البارئ } به ، وهي حسنة يراد بها الجنس في الصور ، وقال قوم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إنه قرأ : «المصوَّرِ » بفتح الواو وكسر الراء على قولهم الحسن الوجه ، وقوله تعالى : { له الأسماء الحسنى } أي ذات الحسن في معانيها القائمة بذاته لا إله إلا هو ، وهذه الأسماء هي التي حصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : «إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً ، مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة »{[11034]} ، وقد ذكرها الترمذي وغيره مسندة ، واختلف في بعضها ولم يصح فيها شيء إلا إحصاؤها دون تعين ، وباقي الآية بين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.