قوله : { هُوَ الله الخالق البارئُ } .
«الخَالقُ » هنا المقدر ، و«البَارِئُ » المنشئ المخترع ، وقدم ذكر الخالق على البارئ ؛ لأن الإرادة مقدمة على تأثير القدرة{[56120]} .
العامة : على كسر الواو ورفع الراء ، إما صفة وإما خبر .
وقرأ أمير المؤمنين{[56121]} علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - والحسن بن السميفع ، وحاطب بن أبي بلتعة : بفتح الواو ونصب الراء . وتخريجها على أن يكون منصوباً ب «البَارِئُ » .
و«المصوَّر » هو الإنسان إما آدم ، وإما هو وبنوه .
وعلى هذه القراءة يحرم الوقفُ على المصور ، بل يجب الوصل ليظهر النَّصب في الراء ، وإلا فقد يتوهم منه في الوقف ما لا يجوز{[56122]} .
وروي عن أمير المؤمنين أيضاً : فتح الواو وجرّ الراء ، وهي كالأولى في المعنى إلا أنه أضاف اسم الفاعل لمعموله مخففاً نحو : «الضارب الرجل » .
والوقف على «المصوّر » في هذه القراءة أيضاً حرام ، وقد نبَّه عليه بعضهم .
وقال مكي{[56123]} : «ويجوز نصبه في الكلام ، ولا بد من فتح الواو فتنصبه ب «البارئ » ، أي : هو الله الخالق المصور ، يعني : آدم - عليه الصلاة والسلام - وبنيه » . انتهى . وكأنه لم يطلع على هذه القراءة .
وقال أيضاً : «ولا يجوز نصبه مع كسر الواو ، ويروى عن علي رضي الله عنه » .
يعني أنه إذا كسرت الواو ، وكان من صفات الله تعالى ، وحينئذ لا يستقيم نصبه عنده ؛ لأن نصبه باسم الفاعل قبله .
وقوله : «ويروى » أي : كسر الواو ونصب الراء ، وإذا صح هذا عن أمير المؤمنين ، فيتخرج على أنه من القطع ، كأنه قال : أمدح المصور ، كقولهم : «الحَمْدُ للَّه أهل الحمد » بنصب أهل ؛ وقراءة من قرأ : { اللَّهَ رَبَّ العَالَمِينَ } بنصب «رب »{[56124]} .
قال مكي{[56125]} : و«المصور » «مُفَعِّل » من «صَوّر يُصَوّر » ، ولا يحسن أن يكون من «صار يصير » ، لأنه يلزم منه أن يقال : المصير ، بالياء » .
وقيل : هذا من الواضحات ولا يقبله المعنى أيضاً .
وقدم «البارئ » على «المصور » لأن إيجاد الذوات مقدّم على إيجاد الصفات{[56126]} ، فالتصوير مرتب على الخلق والبراية وتابع لهما ، ومعنى التصوير{[56127]} : التخطيط والتشكيل ، وخلق الله الإنسان في بطن أمه ثلاثَ خلق ، جعله علقة ثم مضغة ثم جعله صورة ، وهو التشكيل الذي يكون به ذا صورة يعرف بها ويتميز عن غيره ، فتبارك الله أحسنُ الخالقين .
قوله : { لَهُ الأسماء الحسنى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السماوات والأرض وَهُوَ العزيز الحكيم } تقدم نظيره .
روى أبو هريرة - رضي الله عنه - : قال : سألت خليلي أبا القاسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اسم الله الأعظم ، فقال : «عليْكَ بأواخر سُورةِ الحَشْرِ ، فأكثر قراءتهَا » فأعَدْتُ عليْهِ فأعَادَ عليَّ{[56128]} . وقال جابر بن زيدٍ : إنَّ اسم الله الأعظم هو الله لمكان هذه الآية{[56129]} .
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «مَنَ قَرَأ سُورَة الحَشْرِ غُفِرَ الله لَهُ ما تقدَّمَ من ذَنبه ومَا تأخَّر »{[1]} .
وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنَ قَرَأ خَواتِيمَ سُورة الحَشْرِ في لَيلٍ أو نهارٍ ، فقبضهُ اللَّهُ في تلْكَ اللَّيلةِ أو ذلِكَ اليَوْمِ فَقَدْ أوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الجنَّة »{[2]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.